يقولون في الاسلام ظلما بأنه
يصد ذويه عن طريق التعلم
فأن كان ذا حقا فكيف تقدمت
اوائله في عهدها المتقدم
وان كان ذنب المسلم اليوم جهله
فماذا على الاسلام من ذنب مسلم
هل العلم في الاسلام الا فريضة
وهل امة سادت بغير التعلم
لقد ايقظ الاسلام للمجد والعلى
بصائر اقوام عن المجد نوّم
وحلّت له الايام عند قيامه
حباها وابدت ناظر المتبسم
فاشرق نور العلم من حجراته
على وجه عصر بالجهالة مظام
ودك حصون الجاهلية بالهدى
وقوّض اطناب الضلال المتجهم
وانشط بالعلم العزائم وابتنى
لاهليه مجدا ليس بالمتهدم
واطلق اذهان الورى من قيودها
فطارت بافكار على المجد حوّم
وفك اسار القوم حتى تحفزوا
نهوضا الى العلياء من كل مجثم
فخلوا طريقا للبداوة مجهلا
وساروا بنهج للحضارة معلم
فدوّت بمستن العلا نهضاتهم
كزعزع ريح او كتيار عيلم
وعما قليل طبق الارض حكمهم
باسرع من رفع اليدين الى الفم
وقد حاكت الافكار عند اصطدامها
تلألؤ برق العارض المتهزّم
ولاحت تباشير الحقائق فانجلت
بها عن بني الدنيا شكوك التوهم
وماترك الاسلام للمرء ميزة
على مثله ممن لآدم ينتمي
فليس لمثر نقصه حق معدم
ولا عربي يخسه فضل اعجمي
ولا فخر للاسلام الا بسعيه
ولا فضل الا بالتقى والتكرم
وليس التقى في الدين مقصورة
على صلاة مصل او صوم صيّم
ولكنها ترك القبيح وفعل ما
يؤدي من الحسنى الى نيل مغنم
فترك الفتى مسعاه في طلب العلا
وماخصّت التقوى بترك المحرّم
فهل مثل هذا الامر يالاولي النهى
يكون عثارا في طريق التقدم
وان لم يكن هذا الى المجد سلما
فاي ارتقاء بعد ام اي سلّم
الا قل لمن جاروا علينا بحكمهم
رويدا فقد قارفتم كل مأثم
فلا تنكروا شمس الحقيقة انها
لاظهر من هذا الحديث المرّجم
علونا وكنتم سافلين فلم نكن
لنبدي اليكم جفوة المتهكم
ولم نترك الحسنى اوان جدالكم
وتلك لعمري شيمة المتحلم
فلما استدار الدهر بالامر نحوكم
كشفتم لنا عن منظر متّجهم
فلا تأمنوا الايام ان صروفها
كما هي اذ اودت ب(عاد)و(جرهم)








الاثنين، 16 فبراير 2009
العراق الواحد-كريم العراقي
الليلة أجمعلك النجمات
الليلة مرصع بالماس وأجمعلك الايام
في يوم وأجمعلك الانهار
في كأس نشرب سوي من نخب الحب
بصحتك حبيبي بصحة الناس
دق الخشب صابتك العيون
واحرق بخور وحرمل وياه وأمشي علي طولك
ياحبيبي شمحلاك تمشي ورافع الراس
بيت اللي حواك الله جمع بيه رمضان والمندل والقداس
طـه ويسوع وعرب وأكراد من تركمان وبني اشــور وغوش ويزيدية أجناس
وقوميات وأعراف يا ابو الحسن ياعلي الكرار
ياعمر ياعادل يافاروق يا ابو حنيفة وكيلاني ياالحمزه يالكاظم ياعباس
أه أه ياعراق لاتـفرقة ولاسوم عدنا واحد وطنا يبقي واحد
والله يمه الشعب يبقي عائلة واحدة وتبقي الاعراس
كل العراق وسادة واحدة الف الصلاة والشكر محصن وطن
ا بنبض القلوب ياعراق شعبك كله حراس
ياعراق شعبك كله حراس..
قال لي الحكيم-كريم العراقي
قال لي الحكيم..
ما زلت مدمناً على تذاكر الإرادهْ
ستربح السعادهْ
يا ولدي تغير الزمانُ
والناس والأصحاب والخلانُ
إن طوقتك النار والأحزانُ
عند الشدائد يهرب الأخوانُ
المرأة المخلصة: غذاءْ
والمرأة الجميلة: ضياءْ
والمرأة الذكية: الهواءْ
وهل يعيش الرجل من غير هؤلاءْ؟
زمانك يا ولدي خطيرْ
ثلاثة ألقى بهم في هوة السعيرْ
الصدق والأمان والضميرْ
الديناصورات اختفت..
واختفت الشهامهْ
الدنانير أصبحت.. أغلى من الكرامهْ
ورؤوسنا قد دفنت.. فكلنا نعامهْ
ذكّر عباد الله..ا
لأرض أرض الله..
والملك ملك الله
لمَ يسلبون الأرضْ؟لمَ يهتكون العرضْ؟
كذبوا إذا قالوا هذا بفعل الحظْ
فالله رب الكل.. من قال رب البعضْ؟
إن لم تجد عملاً فاحترف الغناءْ
مفتوحة أبداً نوافذ الفضاءْ
فهناك سمسار يغزو بك السماءْ
فامسح لكي تربح وتكسب الثراءْ
يا ولدي،، الله يشفيكا
من علة التناقض فيكا
أبناؤك بسجون أمريكا
قتلتني الله يهديكا
ياطبيب القلب-كريم العراقي
يا طبيب القلب ما مشكلتي؟
نبضي كالطبل اقلق راحتي
فحص النبض وقال: كيف يا رجل الرجال؟
نبضك الآن طبيعي
ليس بالنبض السريع يا طبيبي يا عجباه..
عذبتني حالتي فدمي كالموج يغلي.. حائر ما علتي؟
يا مريضي هاك وانظر
واضح في الصورة كل ـ جين ـ فيك يعدو نحو نون النسوة
انت تمزح يا طبيبي انت تجرح هيبتي
لا علاج لك عندي أسفي يا متمارض لم اجد للحب مصلا
وانا لست بواعظ ثم هل تجدي النصائح بهوى هز الجوارح
انت ناري المزاج عاطفي النزعة وارتجافات يديك من جنون الغيرة
ما انا قاضي الغرام يا ضعيف المهجة
لي سحر يا طبيبي في جميع الجلسات
وحضور عفوي تشتهيه الفتيات
لم اكن للضعف صيدا او صريع المغريات
فدلالي للنساء هو طبع في دمائي
فلماذا جئت تشكو يا عظيم السطوة؟
يا طبيبي.. انا محبوب ولكن لم اجد محبوبتي بين آلاف الحسان
مزقتني عزلتي
دللول للعراق الجريح دللول دللول
دللول للعراق الجريح دللول دللول
غالى الوطن ياامى ودللول تفرج ياابى اش ما رادت الطول
من اليمن للبحرين للصين للقاهرة لبيروت لصين
المغرب السودان الجزائر دبى ليبيا تونس فلسطين
هبت ملايين الملايين
هبت مثل ما هبت الريح
غطت سماء الله تسابيح
الله يحرسك ياعراق الله يحرسك ياجريح
ياالماشفت راحة فى حياتك من فتحت عينة
طول اليوم فتن حروب
امطوقاتك ياابو المأسى توكل وقوم طايح عقل من رادك تطيح
وانت البحر والشمس والريح
لليوم ما مات الحسين ولليوم ما مات المسيح
دللول دللول غالى الوطن ياامى ودللول تفرج ياابى اش ما رادت الطول
يقولون اغانيكم حزينة هو احنا ياعمى ايش بدينا
كل يوم فايظ بينا طوفان كل يوم غرقنا السفينة
من ادم طول اليوم واحنا دم تمطر الدنيا علينا
وفوق الخناجر نمشى حفاى
ونغنى عزت نفس بينا
دللول دللول غالى الوطن ياامى ودللول تفرج ياابى اش ما رادت الطول
ياونت الونيتها جمر حراق ونة مفارق
شيبة الفراق شنهو الجنناة من ذنب ياعراق
يقولون تصفى واقول الله يصفيها
شفنا الللى ما شافة بشر ياوطن شفنا اللى ما شافة بشر
يازمان شايف عراقى سلم من خنجر الاحزان
تمزقنا والله وتوزعنا على البلدان
وذل كم عزيز النفس لا وين تاليها
اعطش وبيتى نهر
اعرى وبلادى ذهب
اشحت وانا الملك انداس وانا الغضب
انقاد وانا السبع ايش عند بعد ياعجب
ياما نزفنا دم وياما كتمنا غضب
لا تموت ياشعب
دللول دللول غالى الوطن ياامى ودللول تفرج ياابى اش ما رادت الطول
دمعة على وطنى العراق ما عندى غير الدمع موقف ما نامت عيونى
ولا تنام ما دام وطنى ينزف وما دام اطفالة ضحاياقلبى يحضن زلازال
يرجف دللول دللول غالى الوطن ياامى ودللول تفرج ياابى اش ما رادت الطول
هذا العراق الله جمع فية رمضان والندة والداس
طة ويسوع والعرب
اكراد ارمنى اللقوشى بنى زياد من تركمان
وبنى هاشور ياابو الحسن ياعلى الكرار
ياعمر يالعادل يافاروق يالحمزة يالكاظم ياعباس ياابو حنيفة يا جيلاني ..
أديان قوميات .. أجناس ..
عائلة واحدة .. ووطن واحد .
ونوم الحبايب .. راس أمام راسقل أعوذ وصلينا ونصلي
من شر كل وسواس خناس
طبع دنيا-عريان السيد خلف
طبع دنيا الاسود تصيد عز الصيد
تاكل مزته وتترك يسير النيل
واني طبعي من اصاحب صاحب المضنوك
لا أبجي بشديده ولا يرك الحيل
لا يضل خاطره ولا اوسخ الماعون
ولا ادفى بمنامه شما يجور الليل
وما مش ناس وحدك ذبل ليلك بالثلج والكاس
وحدك تنطفي ويصعد عذابك زيت
وتخضر عتابه من الجدم للراس
ومن شباش حسنك لو تعديت
واضيف تراب جدمك وردة البيت
اسئلك لو طفح حسنك بالعيون
حلو بطبعك يالاغنج لو تحليت
والمك لمة الخاطر بالعتاب
وانشدك من عطشتك ليش ما جيت
ونده روحي النسيم وليك حنيت
ومثل كطرة ندى بوردك تبديت
تمنيتك تجي بكد ما تمنيت
حتى انشدك من عطشتك ليش ما جيت
ولك يا كلبي حلك تنور لو سرداب
صوغني من ليلكم نجمه تبات وياي
ومن تشبع سهر ويجيسها الوهواس
اطفيها بصبح والغبشه رشكة ماي
واشعلني ولع دشعلني ولع
يدوي العطش بالعود
حتى انزع جلد روحي وارد لصباي
ارد لصباي أمني الفرح
و باسمك ورد عالباب
فاحة ريحته ولانك بعد ما جاي
من يا صوت اصيحك والصدى يجاريك
واكلك مااكدر ت يالي تكدر بلياي
تراني ما اكدرت يالي تكدر بلياي
الموت-عريان السيد خلف
هذا الموت جسر للانهايه عليه كلنا نفوت
هذا الموت هاجس يبتدينا بلحظة التكوين
ويرافكنا العمر من غير ضجه وصوت
على جف المنايا مشرغدين أنام
ونلهث على الدنيا ونبني بيها بيوت
ونتعافى ونذم بالخلك هذا وذاك
وعلى غفله وزرك جدامنا التابوت
حاضر واربعينك بعد ما حلت
وروحك يالعزيز بروحنا انشدت
يالحاضر عزاك تعزي المعزين
وتسكت الناعي الي عبرته احتدت
يا عصر الفواتح يا زمان الموت
كافي من الذبح مو ناس ما ضلت
ضاكت كاعنا من كبور فوك كبورفوك كبور
اهلنا كبورنا تعلت
كل يوم بهبيه وكل صباح بويد
مثل سقف الحصير الزلم تتسلت
الحيطــان-عريان السيد خلف
الحيطان
الحيطان منخل والدروب حفور
الحيطان منخل والدروب حفور
والبيبان صرخه بلا صدى ولاصوت
صفنة كنبرة بوحشة مسيت كبور
ووجوه الصغار الحاضنه الشباج باكة
ورد ذابل بالحزن معصور
والنظره متاهه وخوف يرضع خوف
من يهتز قفل حسبالهم شاجور
من يهتز قفل حتى الطيور أطيرمرعوبة
جنح وبلا وعيها أدور
ما ضل لا ملاذ يلوذ بيه الخوف
بس حسرة مراره بحشرجة مصدور
قامت والجراد اسراب تتلي اسراب
من تسكن الريح يعشعش المنذور
قامت والدقايق ترضع من الموت
كل لحظه بطبك كل ثانيه بعاشور
قامت والمنايا الي تختل ويه الناس
وتخاوي الرصاصه الصكر والعصفور
قامت والبشر مو بشر غابة زور
يحصدها العصف ويلوجها التنور
حتى الماي ورثوالتوى الصفصاف شاحب
والنهر من كثر غيضه يفور
والموت بصلافه يدك على البيبيان
ويوزع عليها السدر والكافور
هنا دفتر كتابه
هنا حمامة بيت
هنا وصلة جديله بجف طفل مبتور
هنا تربة صلاة والدم عليها هلال
هنا مصحف جلاله من العصف منشور
هنا صرخة نثايه تشتت بالريح
على جثه تململ من جلب مسعور
قامت والمنايا أدور فوك الروس
صفنت رحى الكاع ورحى الموت أدور
قامت من دخيلك يا علي الكرار
مو هاي القيامه المن بعد ما تكوم
مو هاي القايمه المن بعد ما تكوم
الخميس، 12 فبراير 2009
المنعطف-عبد الرزاق عبد االواحد
الحمد لله يبقى المجد ، والشرفُ
ان العراق أمامي حيثما اقفُ
وأن عيني بها من ضوئه ألق
هدبي عليه طوال الليل يأتلفُ
وأن لي أدمعا فيه ومبتسما
ولي دم مثلما أبناؤه نزفوا
الحمد لله أني ما ازال الى
وجه العراق اصلي حين اعتكفُ
الحمد لله اني ما يزال على
مياهه كل غصن فيّ ينعطفُ
وأننى ، لو عظامي كلها يبست
يجري العراق لها ماء فترتشفُ
الحمد لله أني بالعراق ارى
وأنني بالعراقيين التحفُ
فليس لي غيره عين ، ولا رئة
وهم ازاري الذي لولاه انكشف ُ
ولا وحق عراق الكبر لا وهنا
ولا هروبا اليك الآن ازدلفُ
لكننى في مما فيك معجزة
اني بجرحي عند الزهو اعترفُ
يا سيد الارض يا ضعفي ، ويا هوسي
وبعض ضعفي اني مغرم دنف
لي فيك الف هوى ، حبيك سيدها
وحب نفسي في طياتها يجف
حتى اذا كان في عينيك بعض رضا
عني ، فعن كلهم الاك انصرف
يا سيدي ، كل حرف فيك أكتبه
احسه من نياط القلب يغترف
وقد تعاتبني اني على شغفي
تضيق حينا بي الدنيا ، وتختلف
يا سيدي الف ايك وارف عرفت
روحي ، وظل انيسي الاوحد السعف
عرقي بعرقك مشدود ، فلو نهضا
أبقى فسيلا ، وتعلو هذه الالف
تصير صارية عمق السما وانا
عراق ، عرق صغير فيك يرتجف
يشده الف نبع فيك راودها
نبعا فنبعا الى ان مسه التلف
وقيل يكفر وانفاسا جريرتها
بأنها لضفاف الله تنجرف
من ذا يقول لهذي الدائرات قفى
لكان كل الذين استعجلوا وقفوا
يا سيد الارض يا ضعفي ، ويا هوسي
يا كبريائي التي ما شابها صلف
يا ضحكة باب قلبي ، لا تبارحه
ودمعة حد هدبي ، ليس تنذرف
بيني وبينك صوت الله اسمعه
يصيح بي موحشا ، والليل ينتصف
يا أيها المالي الاوراق من دمه
وفر دماك ، فليس الحب ما تصف
الحب حب الذين استنفروا دمهم
فابتلّت الارض ما ابتلّت به الصحف
حب الذين بلا صوت ، ولا عظة
القوا ودائعهم للارض وانصرفوا
الحب حب الذين الموت صال بهم
وعندما قيل صولوا باسمه نكفوا
فهم يصولون باسم الحب لا جزعا
لكن يد الحب اقوى حين تنتصف
يا سيدي ، هب يدي حولا سوى قلمي
وهب جناني ثباتا كالذي عرفوا
لعلني والردى لا بد مخترمي
اختاره انا لا تختاره الصدف
هبني فديتك موتا لا اموت به
فالتمر ان جف في اعذاقه حشف
ولست من شغفي بالموت ارصده
لكنني بكمال الموت انشغف
وهل اتم كمالا من شهادة من
صلوات-عبد الوهاب البياتي
إنني أستنشق الهواء العذب الخارج من فمك
وأتأمل كل يوم في جمالك
وأمنيتي هي أن أسمع صوتك الحبيب
الذي يشبه حفيف ريح الشمال
إن الحب سيُعيد الشباب إلى أطرافي
أعطني يدك التي تمسك بروحك
وسوف أحتضنها وأعيش بها
نادني باسمي مرة أخرى وإلى الأبد
لن يصدر نداؤك أبدًا بلا إجابة عنه
وقال لي
إنك ستحترق بنار صوتك
وستغدو رمادًا
مثل كريم
الذي احترق بحبه.
[ صلوات وُجدت مكتوبة على لوح ذهبي تحت قدم مومياء, وقد أزيل اسم كاتبها ]
إلى رفائيل ألبرتي
آخر طفل في المنفى يبكي (مدريدَ)
يغني نار الشعراء الإسبان المنفيين الموتى
لوركا - ماشادو( * * * )
آخر عملاق في معطفه يبكي
تحت النجم القطبيِّ
وتحت الثلج
وقفنا بجوار عمود النور وكانت (روما تبحث عن روما)
ناديتك ألبرتي!
فأجاب الشعر
أضاء البرق الكامن في سحب كانت تمضي
نازفةً في ليل المنفى
كل عذابات الإسبانِ
أجابت روما
وأجابت موسيقى البحر الوحشية
كنا أطفالاً أوغلنا في الغابة
لكن الموسيقى هدأت والبحرُ توارى في كتب
كانت تحكي عن نور يأتي من داخل (توليدو)
عن نجم عربي يتحول في أوربا
وينام على بوابة (توليدو)(****)
كنا أطفالاً في الوطن - المنفى
نبني مدنًا للحب.
أجاب الشعر - البرق - الموسيقى
آخر عملاق في معطفه يبكي
ويجف المطرُ
الإسبانيُّ على أشجار الغابة
(ماشادو) في الفجر يموت مريضًا ووحيدًا
كل عذابات الإسبان تعود
لتولد منها هذي النار الزرقاء
الكتب - الموسيقى - الأشعار - اللوحاتُ
وقفنا ناديتك ألبرتي!
فأجاب الطفل - الرجل - الشعرُ
وكانت روما تبحث عن روما في منشور سريّ
أو عين امرأة تسبر أغوار سماء لم تمطر
أو كأس نبيذ لم يُشرب
كانت روما تنهض من تحت الأنقاضِ
وقفنا تحت عمود النور
رأينا نار الشعراء الإسبان المنفيين الموتى
لوركا - ماشادو
ورأينا العربيَّ القادمَ من (توليدو)
جدي السابع في معطفه الجلديِّ
يُساق إلى الموت أو المنفى
ناديتك ألبرتي!
فأجاب الشعرُ
وآخر طفل في المنفى يبكي الوطن الأمَّ
ويبكي مدريدْ.
( 2 )
روما موصدة الأبواب
يارب احفظ امريكا-سعدي يوسف
الجنرال الفرنسي، الذي رفع الرايةَ مثلّـثةَ الألوان
علي نقرة السلمان حيث كنتُ سجيناً
قبلَ ثلاثين عاماً...
في منتصف الإستدارة تلك
التي قصمتْ ظَهرَ الجيش العراقيّ،
الجنرال الذي يحبّ نبيذ سانت إمِـلْـيون
سمّي نقرة السلمان حصناً...
الجنرالون لا يعرفون من أديم الأرض سوي بُـعدَينِ:
ما نتأَ، حصنٌ
وما انبسطَ، ساحةٌ.
يا لَـجهل الجنرال!
لكنّ ليبراسيون كانت أعرفَ بالتضاريسِ
فالفتي العراقيّ الذي احتلَّ صفحتها الأولي
كان متفحِّـماً وراءَ مِـقْـوَدِ الشاحنةِ
علي طريق الكويت ـ سفوان
بينما أجهزةُ التلفزيون: غنيمةُ المهزومِ وهُـويّـتُـه
كانت سليمةً في الشاحنة، كأنها في واجهة مخزنٍ
بشارع ريفولي.
القنبلةُ النيوترونيةُ ذكيةٌ جداً
إنها تميزُ بين هو و هُـويّـة .
يا ربِّ، احفظْ أمريكا
موطني، موطني اللذيذ...
God, save America
My home, sweet home!
Blues
كم سأمشي إلي ساكرمانتو
كم سأمشي إلي ساكرمنتو
كم سأمشي لأبلغَ بيتي
كم سأمشي لأبلغَ بنتي
كم سأمشي إلي ساكرمنتو!
منذ يومينِ، لم يسرِ في النهر مَركبْ
منذ يومين يومين يومينِ
يا عسلي ، كيف أركبْ؟
إنني أعرفُ النهرَ
لكنْ ، ولكنْ، ولكنْ، ومن قبلِ يومينِ
لم يسـرِ في النهر مركبْ
لا. لـَ. لا. لا. لـَ. لا
لا. لـ. لا. لا. لـَ. لا
الغريبُ يخاف
لا تخفٍْ ياجوادي
لا تخفْ من ذئاب البوادي
لا تخفْ فالبلادُ بلادي
لا. لـَ. لا.لا. لـَ. لا
لا. لـَ. لا. لا. لـَ. لا
الغريبُ يخاف.
يا ربِّ، احفظْ أمريكا
موطني، موطني اللذيذ...
God, save America
My home, sweet home!
أنا أيضاً أحبُّ الجينز والجاز وجزيرة الكنز
وببغاءَ جون سيلفر ونوافذَ نيو أورليانز
أحبّ مارك توَينْ ومراكب المسسبي وكلابَ ابراهام لنكولن
احب حقول القمح والذرة ورائحة التبغ الفرجيني
لكني لستُ بأميركيّ أيكفي أنني لستُ بأميركيّ حتي يعيدني طيارُ
الفانتوم إلي العصر الحجريّ؟
Back to stone age!
لا البترولَ أريدُ ولا أمريكا لا الفيل أريدُ ولا الحمار
اتركْ لي أيها الطيار بيتي المسقوفَ بالسعف وقنطرةَ الجذوع
أريد القرية لا نيويورك لماذا جئتَـني من صحراء نيفادا
أيها الجنديّ المسلّـح حتي الأسنان؟ لماذا جئتَ إلي البصرة
البعيدةِ حيث السمك يبلغ عتَـباتِ البيوت؟
الخنازيرُ لا ترعي هنا لديّ فقط تلك الجواميس التي
تمضغ كسلي نيلوفـرَ الماءِ اتركني أيها الجنديّ اتركْ لي
كوخَ القصب الطافي وحربةَ الصياد اتركْ لي طيوري
المهاجرةَ وخضرةَ الريش خذْ طيور الحديد المزمجرة
وصواريخَ توماهوك لستُ الخصيمَ
أنا المخوِّض حتي ركبتيَّ في مَـناقعِ الرزِّ
اتركني ولعنتي
لا أريدُ قيامتك.
يا ربِّ، احفظْ أمريكا
موطني، موطني اللذيذ...
God, save America
My home, sweet home!
أمريكا !
لنستبدلْ هداياكِ
خذي سجائركِ المهرّبة
وأعطينا البطاطا.
خذي مسدس جيمس بوند الذهب
وأعطينا كركرةَ مارلين مونرو.
خذي حقنة المخدِّر المرمية تحت شجرة
وأعطينا زجاجةَ المصل.
خذي خرائطَ السجون النموذجية
وأعطينا بيوتَ القري.
خذي كتبَ مبشـِّـريكِ
وأعطينا ورقاً للقصائد التي تهجوكِ.
خذي ما لاتملكين
وأعطينا ما نملك.
خذي أشرطةَ البيرقِ
وأعطينا النجوم.
خذي اللحية الأفغانية
وأعطينا لحيةَ والت ويتمان الملأي بالفراشات .
خذي صدّام حسين
وأعطينا ابراهام لنكولن!
أو لا تعطينا أحداً.
الآن
انا أنظرُ عبرَ الشرفةِ
عبرَ سماءِ الصيفِ، الصيفِ الصيفيّ،
دمشقُ تدورُ، مدوَّخةً، بين هوائيات التلفزيون
ثم تغورُ، عميقاً، في حَـجـرِ الأسوارِ
وفي الأبراجِ
وفي أرابيسكِ العاجِ،
تغورُ، بعيداً، عن رُكن الدين ،
وتغيبُ عن الشرفةِ...
..................
..................
..................
والآن
أتذكّـرُ أشجاراً،
نخلةَ مسجدنا في البصرةِ، في أقصي البصرةِ،
منقارَ الطيرِ
وأسرارَ الطفلِ
ومائدةَ الصيفِ
النخلةُ أذكرُها
أتلمّـسُـها، وأكونُ بها، حينَ هوتْ سوداءَ بلا سـعَـفٍ،
حينَ هوتْ قنطرةً من نحْـتِ البرقِ.
وأذكرُ فحلَ التوت
يومَ تهاوي، بتقصّـفُ، مذبوحاً تحتَ الفأسِ...
ليمتليءَ الجدولُ أوراقاً
وطيوراً
وملائكةً
ودماً أخضرَ...
أذكرُ كيفَ اسّــاقَطَ زهرُ الرمّـانِ علي الأرصفةِ.
(الطلابُ يقودون تظاهرةَ العمّـالِ)
...............
...............
...............
الأشجارُ تموت
مهدّمةً
دائخةً
لا واقفةً...
الأشجارُ تموت .
يا ربِّ، احفظْ أمريكا
موطني، موطني اللذيذ...
God, save America
My home, sweet home!
لكنّـا لسنا أسري، يا أمريكا
وجنودُكِ ليسوا جندَ الله...
نحنُ ، الفقراءَ، لنا أرضُ الآلهةِ الغرقي
آلهةُ الثيران
آلهةُ النيران
آلهةُ الأحزانِ المجبولةِ صلصالاً ودماً في أغنيةٍ...
نحن، الفقراءَ، لنا ربُّ الفقراء
الطالعُ من أضلاعِ الفلاّحين
الجائعُ
والناصعُ
والرافعُ كلَّ جبين...
نحن الموتي، يا أمريكا
فليأتِ جنودُكِ!
من يقتلْ مَـيْـتاً يبـعَـثْـهُ...
ونحنُ الغرقي ياسيّـدتي
نحن الغرقي
فلْـيأتِ الماء...
علي نقرة السلمان حيث كنتُ سجيناً
قبلَ ثلاثين عاماً...
في منتصف الإستدارة تلك
التي قصمتْ ظَهرَ الجيش العراقيّ،
الجنرال الذي يحبّ نبيذ سانت إمِـلْـيون
سمّي نقرة السلمان حصناً...
الجنرالون لا يعرفون من أديم الأرض سوي بُـعدَينِ:
ما نتأَ، حصنٌ
وما انبسطَ، ساحةٌ.
يا لَـجهل الجنرال!
لكنّ ليبراسيون كانت أعرفَ بالتضاريسِ
فالفتي العراقيّ الذي احتلَّ صفحتها الأولي
كان متفحِّـماً وراءَ مِـقْـوَدِ الشاحنةِ
علي طريق الكويت ـ سفوان
بينما أجهزةُ التلفزيون: غنيمةُ المهزومِ وهُـويّـتُـه
كانت سليمةً في الشاحنة، كأنها في واجهة مخزنٍ
بشارع ريفولي.
القنبلةُ النيوترونيةُ ذكيةٌ جداً
إنها تميزُ بين هو و هُـويّـة .
يا ربِّ، احفظْ أمريكا
موطني، موطني اللذيذ...
God, save America
My home, sweet home!
Blues
كم سأمشي إلي ساكرمانتو
كم سأمشي إلي ساكرمنتو
كم سأمشي لأبلغَ بيتي
كم سأمشي لأبلغَ بنتي
كم سأمشي إلي ساكرمنتو!
منذ يومينِ، لم يسرِ في النهر مَركبْ
منذ يومين يومين يومينِ
يا عسلي ، كيف أركبْ؟
إنني أعرفُ النهرَ
لكنْ ، ولكنْ، ولكنْ، ومن قبلِ يومينِ
لم يسـرِ في النهر مركبْ
لا. لـَ. لا. لا. لـَ. لا
لا. لـ. لا. لا. لـَ. لا
الغريبُ يخاف
لا تخفٍْ ياجوادي
لا تخفْ من ذئاب البوادي
لا تخفْ فالبلادُ بلادي
لا. لـَ. لا.لا. لـَ. لا
لا. لـَ. لا. لا. لـَ. لا
الغريبُ يخاف.
يا ربِّ، احفظْ أمريكا
موطني، موطني اللذيذ...
God, save America
My home, sweet home!
أنا أيضاً أحبُّ الجينز والجاز وجزيرة الكنز
وببغاءَ جون سيلفر ونوافذَ نيو أورليانز
أحبّ مارك توَينْ ومراكب المسسبي وكلابَ ابراهام لنكولن
احب حقول القمح والذرة ورائحة التبغ الفرجيني
لكني لستُ بأميركيّ أيكفي أنني لستُ بأميركيّ حتي يعيدني طيارُ
الفانتوم إلي العصر الحجريّ؟
Back to stone age!
لا البترولَ أريدُ ولا أمريكا لا الفيل أريدُ ولا الحمار
اتركْ لي أيها الطيار بيتي المسقوفَ بالسعف وقنطرةَ الجذوع
أريد القرية لا نيويورك لماذا جئتَـني من صحراء نيفادا
أيها الجنديّ المسلّـح حتي الأسنان؟ لماذا جئتَ إلي البصرة
البعيدةِ حيث السمك يبلغ عتَـباتِ البيوت؟
الخنازيرُ لا ترعي هنا لديّ فقط تلك الجواميس التي
تمضغ كسلي نيلوفـرَ الماءِ اتركني أيها الجنديّ اتركْ لي
كوخَ القصب الطافي وحربةَ الصياد اتركْ لي طيوري
المهاجرةَ وخضرةَ الريش خذْ طيور الحديد المزمجرة
وصواريخَ توماهوك لستُ الخصيمَ
أنا المخوِّض حتي ركبتيَّ في مَـناقعِ الرزِّ
اتركني ولعنتي
لا أريدُ قيامتك.
يا ربِّ، احفظْ أمريكا
موطني، موطني اللذيذ...
God, save America
My home, sweet home!
أمريكا !
لنستبدلْ هداياكِ
خذي سجائركِ المهرّبة
وأعطينا البطاطا.
خذي مسدس جيمس بوند الذهب
وأعطينا كركرةَ مارلين مونرو.
خذي حقنة المخدِّر المرمية تحت شجرة
وأعطينا زجاجةَ المصل.
خذي خرائطَ السجون النموذجية
وأعطينا بيوتَ القري.
خذي كتبَ مبشـِّـريكِ
وأعطينا ورقاً للقصائد التي تهجوكِ.
خذي ما لاتملكين
وأعطينا ما نملك.
خذي أشرطةَ البيرقِ
وأعطينا النجوم.
خذي اللحية الأفغانية
وأعطينا لحيةَ والت ويتمان الملأي بالفراشات .
خذي صدّام حسين
وأعطينا ابراهام لنكولن!
أو لا تعطينا أحداً.
الآن
انا أنظرُ عبرَ الشرفةِ
عبرَ سماءِ الصيفِ، الصيفِ الصيفيّ،
دمشقُ تدورُ، مدوَّخةً، بين هوائيات التلفزيون
ثم تغورُ، عميقاً، في حَـجـرِ الأسوارِ
وفي الأبراجِ
وفي أرابيسكِ العاجِ،
تغورُ، بعيداً، عن رُكن الدين ،
وتغيبُ عن الشرفةِ...
..................
..................
..................
والآن
أتذكّـرُ أشجاراً،
نخلةَ مسجدنا في البصرةِ، في أقصي البصرةِ،
منقارَ الطيرِ
وأسرارَ الطفلِ
ومائدةَ الصيفِ
النخلةُ أذكرُها
أتلمّـسُـها، وأكونُ بها، حينَ هوتْ سوداءَ بلا سـعَـفٍ،
حينَ هوتْ قنطرةً من نحْـتِ البرقِ.
وأذكرُ فحلَ التوت
يومَ تهاوي، بتقصّـفُ، مذبوحاً تحتَ الفأسِ...
ليمتليءَ الجدولُ أوراقاً
وطيوراً
وملائكةً
ودماً أخضرَ...
أذكرُ كيفَ اسّــاقَطَ زهرُ الرمّـانِ علي الأرصفةِ.
(الطلابُ يقودون تظاهرةَ العمّـالِ)
...............
...............
...............
الأشجارُ تموت
مهدّمةً
دائخةً
لا واقفةً...
الأشجارُ تموت .
يا ربِّ، احفظْ أمريكا
موطني، موطني اللذيذ...
God, save America
My home, sweet home!
لكنّـا لسنا أسري، يا أمريكا
وجنودُكِ ليسوا جندَ الله...
نحنُ ، الفقراءَ، لنا أرضُ الآلهةِ الغرقي
آلهةُ الثيران
آلهةُ النيران
آلهةُ الأحزانِ المجبولةِ صلصالاً ودماً في أغنيةٍ...
نحن، الفقراءَ، لنا ربُّ الفقراء
الطالعُ من أضلاعِ الفلاّحين
الجائعُ
والناصعُ
والرافعُ كلَّ جبين...
نحن الموتي، يا أمريكا
فليأتِ جنودُكِ!
من يقتلْ مَـيْـتاً يبـعَـثْـهُ...
ونحنُ الغرقي ياسيّـدتي
نحن الغرقي
فلْـيأتِ الماء...
الى الشعر-نازك الملائكة
من بَخور المعابدِ في بابل الغابرهْ
من ضجيج النواعيرِ في فَلَواتِ الجَنوبْ
من هتافاتِ قُمْريّةٍ ساهرهْ
وصدى الحاصدات يغنّين لحنَ الغروبْ
ذلكَ الصوتُ, صوتُكَ سوف يؤوبْ
لحياتي, لسمع السنينْ
مُثخَنًا بعبيرِ مساءٍ حزينْ
أثقلتهُ السنابِلُ بالأرَجِ النَّشْوانْ,
بصدًى شاعريّ غريبْ
من هُتافاتِ ضفدعةٍ في الدجى النعسان
يملأُ الليلَ والغدْرانْ
صوتُها المتراخي الرتيبْ
**
ذلك الصوتُ, صوتُكَ سوف يؤوب
لحياتي, لسَمْع المساءْ
سيؤوبُ وأسمعُ فيه غناءْ
قمريَّ العُذوبةِ فيه صَدًى من ليالي المطر
من هدوءِ غُصونِ الشجر
وهي تمتصّ سَكْرى, رحيق السَّماءْ
الرحيقَ الذي عطّرتْهُ الغيومْ
بالرؤى, بتحايا النجومْ
**
سأجوبُ الوجودْ
وسأجمَعُ ذرّاتِ صوتِكَ من كل نَبْعٍ بَرودْ
من جبال الشِّمالْ
حيث تهمسُ حتى الزنابقُ بالأُغنياتْ
حيثُ يحكي الصنوبرُ للزَّمَنِ الجوّالْ
قصصًا نابضاتْ
بالشَّذى, قصصًا عن غرامِ الظِّلالْ
بالسواقي, وعن أغنياتِ الذئابْ
لمياهِ الينابيعِ في ظُلَلِ الغاباتْ
عن وقَارِ المراعي وفلسفة الجَدْولِ المُنْسابْ
عن خَروفٍ يُحسّ اكتِئابًا عميقْ
ويُقضِّي النَّهارْ
يقضِمُ العُشْبَ والأفكارْ
مُغْرَقًا في ضَبابِ وجودٍ سحيقْ
**
وسأجمعُ ذرّاتِ صَوْتِك من ضَحِكاتِ النعيمْ
في مساءٍ قديمْ
من أماسيِّ دِجلةَ يُثْقلُ أجواءَهُ بالحنينْ
مرحُ الساهرينْ
يرشفونَ خرير المياهْ
وهي تَرْطُمُ شاطئَهُمْ, وضياءُ القَمَرْ
قَمَرِ الصيفِ يملأ جوّ المَساءِ صُوَرْ
والنسيمُ يمرّ كلمس شِفاهْ
من بلادٍ أُخَرْ
ليلةٌ شهرزاديّةُ الأجواءْ
في دجاها الحَنونْ
كلّ شيءٍ يُحسّ ويحلُمُ حتى السكونْ
ويهيم بحبِّ الضياءْ
**
وسأسمَع صوتَكَ حيثُ أكونْ
في انفعال الطبيعةِ, في لَحَظاتِ الجنونْ
حينَ تُثْقل رجعَ الرُّعودْ
ألفُ أسطورةٍ عن شَبابِ الوجودْ
عن عصورٍ تَلاَشَتْ وعن أُمَم لن تعودْ
عن حكاياتِ صبيانِ (عادْ)
لصبايا (ثمودْ)
وأقاصيصَ غنَّتْ بها شهرزادْ
ذلك الملكَ المجنونْ
في ليالي الشتاءْ
وسأسمَعُ صوتَكَ كلّ مَسَاءْ
حين يغفو الضياءْ
من ضجيج النواعيرِ في فَلَواتِ الجَنوبْ
من هتافاتِ قُمْريّةٍ ساهرهْ
وصدى الحاصدات يغنّين لحنَ الغروبْ
ذلكَ الصوتُ, صوتُكَ سوف يؤوبْ
لحياتي, لسمع السنينْ
مُثخَنًا بعبيرِ مساءٍ حزينْ
أثقلتهُ السنابِلُ بالأرَجِ النَّشْوانْ,
بصدًى شاعريّ غريبْ
من هُتافاتِ ضفدعةٍ في الدجى النعسان
يملأُ الليلَ والغدْرانْ
صوتُها المتراخي الرتيبْ
**
ذلك الصوتُ, صوتُكَ سوف يؤوب
لحياتي, لسَمْع المساءْ
سيؤوبُ وأسمعُ فيه غناءْ
قمريَّ العُذوبةِ فيه صَدًى من ليالي المطر
من هدوءِ غُصونِ الشجر
وهي تمتصّ سَكْرى, رحيق السَّماءْ
الرحيقَ الذي عطّرتْهُ الغيومْ
بالرؤى, بتحايا النجومْ
**
سأجوبُ الوجودْ
وسأجمَعُ ذرّاتِ صوتِكَ من كل نَبْعٍ بَرودْ
من جبال الشِّمالْ
حيث تهمسُ حتى الزنابقُ بالأُغنياتْ
حيثُ يحكي الصنوبرُ للزَّمَنِ الجوّالْ
قصصًا نابضاتْ
بالشَّذى, قصصًا عن غرامِ الظِّلالْ
بالسواقي, وعن أغنياتِ الذئابْ
لمياهِ الينابيعِ في ظُلَلِ الغاباتْ
عن وقَارِ المراعي وفلسفة الجَدْولِ المُنْسابْ
عن خَروفٍ يُحسّ اكتِئابًا عميقْ
ويُقضِّي النَّهارْ
يقضِمُ العُشْبَ والأفكارْ
مُغْرَقًا في ضَبابِ وجودٍ سحيقْ
**
وسأجمعُ ذرّاتِ صَوْتِك من ضَحِكاتِ النعيمْ
في مساءٍ قديمْ
من أماسيِّ دِجلةَ يُثْقلُ أجواءَهُ بالحنينْ
مرحُ الساهرينْ
يرشفونَ خرير المياهْ
وهي تَرْطُمُ شاطئَهُمْ, وضياءُ القَمَرْ
قَمَرِ الصيفِ يملأ جوّ المَساءِ صُوَرْ
والنسيمُ يمرّ كلمس شِفاهْ
من بلادٍ أُخَرْ
ليلةٌ شهرزاديّةُ الأجواءْ
في دجاها الحَنونْ
كلّ شيءٍ يُحسّ ويحلُمُ حتى السكونْ
ويهيم بحبِّ الضياءْ
**
وسأسمَع صوتَكَ حيثُ أكونْ
في انفعال الطبيعةِ, في لَحَظاتِ الجنونْ
حينَ تُثْقل رجعَ الرُّعودْ
ألفُ أسطورةٍ عن شَبابِ الوجودْ
عن عصورٍ تَلاَشَتْ وعن أُمَم لن تعودْ
عن حكاياتِ صبيانِ (عادْ)
لصبايا (ثمودْ)
وأقاصيصَ غنَّتْ بها شهرزادْ
ذلك الملكَ المجنونْ
في ليالي الشتاءْ
وسأسمَعُ صوتَكَ كلّ مَسَاءْ
حين يغفو الضياءْ
صلاة الاشباح-نازك الملائكة
تَململت الساعةُ الباردةْ
على البرج , في الظلمة الخامدةْ
ومدّتْ يداً من نُحاسْ
يداً كالأساطير بوذا يحرّكُها في احتراسْ
يدَ الرَّجل المنتصبْ
على ساعة البرج , في صمته السرمديّ
يحدّقُ في وجْمة المكتئبْ
وتقذفُ عيناهُ سيلَ الظلامِ الدَّجِيّ
على القلعة الراقدةْ
على الميّتين الذينَ عيونُهُمُ لا تموت
تظَلّ تُحدَّقُ , ينطقُ فيها السكوتْ
وقالتْ يد الرَّجُلِ المنتصِب:
"صلاةٌ , صلاهْ !"
* * *
ودبّتْ حياهْ
هناكَ على البُرْج , في الحَرَس المُتْعَبينْ
فساروا يجرّونَ فوق الثَّرَى في أناهْ
ظلالَهُمُ الحانيات التي عَقَفَتْها السنينْ
ظلالَهُمُ في الظلام العميقِ الحزينْ
وعادتْ يدُ الرجل المنتصِبْ
تُشير: "صلاةٌ , صلاهْ !"
فيمتزجُ الصوتُ بالضجّة الداويهْ ,
صدَى موكبِ الحَرَسِ المقتربْ
يدُقّ على كلّ بابٍ ويصرخُ بالنائمينْ
فيبرُزُ من كلّ بابٍ شَبَحْ
هزيلٌ شَحِبْ ,
يَجُرّ رَمَادَ السنينْ ,
يكاد الدُّجى ينتحبْ
على وَجْهِهِ الجُمْجُمِيّ الحزينْ
* * *
وسار هنالكَ موكبُهُمْ في سُكونْ
يدبّونَ في الطُّرقاتِ الغريبةِ , لا يُدْركونْ
لماذا يسيرونَ ? ماذا عسى أن يكونْ ?
تلوَّتْ حوالَيْهمُ ظُلُماتُ الدروبْ
أفاعيَ زاحفةً ونُيُوبْ
وساروا يجرّون أسرارَهُمْ في شُحُوب
وتهمسُ أصواتهم بنشيدٍ رهيبْ ,
نشيدِ الذينَ عيونُهُمُ لا تموتْ ,
نشيد لذاك الإلهِ العجيبْ
وأغنيةٌ ليد الرَّجُلِ المنتصبْ
على البرج كالعنكبوتْ
يدٌ من نحاسْ
يحرّكها في احتراسْ
فترسل صيحَتها في الدياجي
"صلاةٌ , صلاهْ "
* * *
وفي آخر الموكب الشَّبَحيّ المُخيفْ
رأى حارس شَبَحَيْن
يسيرانِ لا يُدْركان متى كان ذاك وأيْن ?
تحُزّ الرّياح ذراعيهما في الظلام الكثيفْ
وما زال في الشَّبَحينِ بقايا حياهْ
ولكنّ عينيهما في انطفاءْ
ولفظُ "صلاة صلاهْ"
يضِجّ بسَمْعَيْهما في ظلام المساءْ
* * *
" ألستَ ترى "
" خُذْهما ! "
ثم ساد السكون العميق
ولم يَبْقَ من شَبَح في الطريق
* * *
وفي المعْبَد البرْهميّ الكبير
وحيثُ الغموضُ المُثيرْ
وحيثُ غرابةُ بوذا تلُفّ المكانْ
يُصلّي الذينَ عيونُهُم لا تموتْ
ويَرْقُبُهم ذلكَ العنكبوتْ
على البرج مستغْرَقاً في سكوتْ ,
فيرتفعُ الصوت ضخْماً , عميق الصدى , كالزمان
ويرتجفُ الشَّبَحانْ
* * *
" من القلعةِ الرطبةِ الباردهْ
" ومن ظُلُمات البيوت
" من الشُرَف الماردهْ
" من البرجِ , حيثُ يدُ العنبكوتْ
" تُشيرُ لنا في سكوتْ
" من الطرقات التي َتعْلِك الظُلْمَةَ الصامتهْ
" أتيناكَ نسحَب أسرارَنا الباهتهْ
" أتيناكَ , نحن عبيدَ الزمانْ
" وأسرَاه نحن الذينَ عيونُهُم لا تموتْ
" أتينا نَجُرّ الهوانْ "
" ونسألُكَ الصفْحَ عن هذه الأعين المُذْنبهْ
" ترسّبَ في عُمْق أعماقها كلُّ حزْنِ السنينْ
" وصوتُ ضمائرِنا المُتعَبَهْ
" أجشٌّ رهيبُ الرّنينْ
" أتيناكَ يا من يذُرّ السُّهادْ
" على أعينِ المُذْنبينْ
" على أعينِ الهاربينْ
" إلى أمسِهِم ليلوذوا هناك بتلّ رمَادْ
" من الغَدِ ذي الأعين الخُضرِ . يا من نراهْ
" صباحَ مساءَ يسوقُ الزمانْ
" يُحدّق , عيناه لا تغفوان
" وكفَّاه مَطْويّتانْ
" على ألفِ سرٍّ . أتينا نُمرِّغ هذي الجباهْ
" على أرض معبدِهِ في خُشُوعْ
" نُناديهِ, دونَ دموعْ ,
" ونصرخ: آهْ !
" تعِبْنا فدعْنا ننامْ
"فلا نسْمع الصوتَ يَهْتف فينا : "صلاهْ !
" إذا دقَّتِ الساعة الثانيهْ ,
" ولا يطرق الحَرَس الكالحونْ
على البرج , في الظلمة الخامدةْ
ومدّتْ يداً من نُحاسْ
يداً كالأساطير بوذا يحرّكُها في احتراسْ
يدَ الرَّجل المنتصبْ
على ساعة البرج , في صمته السرمديّ
يحدّقُ في وجْمة المكتئبْ
وتقذفُ عيناهُ سيلَ الظلامِ الدَّجِيّ
على القلعة الراقدةْ
على الميّتين الذينَ عيونُهُمُ لا تموت
تظَلّ تُحدَّقُ , ينطقُ فيها السكوتْ
وقالتْ يد الرَّجُلِ المنتصِب:
"صلاةٌ , صلاهْ !"
* * *
ودبّتْ حياهْ
هناكَ على البُرْج , في الحَرَس المُتْعَبينْ
فساروا يجرّونَ فوق الثَّرَى في أناهْ
ظلالَهُمُ الحانيات التي عَقَفَتْها السنينْ
ظلالَهُمُ في الظلام العميقِ الحزينْ
وعادتْ يدُ الرجل المنتصِبْ
تُشير: "صلاةٌ , صلاهْ !"
فيمتزجُ الصوتُ بالضجّة الداويهْ ,
صدَى موكبِ الحَرَسِ المقتربْ
يدُقّ على كلّ بابٍ ويصرخُ بالنائمينْ
فيبرُزُ من كلّ بابٍ شَبَحْ
هزيلٌ شَحِبْ ,
يَجُرّ رَمَادَ السنينْ ,
يكاد الدُّجى ينتحبْ
على وَجْهِهِ الجُمْجُمِيّ الحزينْ
* * *
وسار هنالكَ موكبُهُمْ في سُكونْ
يدبّونَ في الطُّرقاتِ الغريبةِ , لا يُدْركونْ
لماذا يسيرونَ ? ماذا عسى أن يكونْ ?
تلوَّتْ حوالَيْهمُ ظُلُماتُ الدروبْ
أفاعيَ زاحفةً ونُيُوبْ
وساروا يجرّون أسرارَهُمْ في شُحُوب
وتهمسُ أصواتهم بنشيدٍ رهيبْ ,
نشيدِ الذينَ عيونُهُمُ لا تموتْ ,
نشيد لذاك الإلهِ العجيبْ
وأغنيةٌ ليد الرَّجُلِ المنتصبْ
على البرج كالعنكبوتْ
يدٌ من نحاسْ
يحرّكها في احتراسْ
فترسل صيحَتها في الدياجي
"صلاةٌ , صلاهْ "
* * *
وفي آخر الموكب الشَّبَحيّ المُخيفْ
رأى حارس شَبَحَيْن
يسيرانِ لا يُدْركان متى كان ذاك وأيْن ?
تحُزّ الرّياح ذراعيهما في الظلام الكثيفْ
وما زال في الشَّبَحينِ بقايا حياهْ
ولكنّ عينيهما في انطفاءْ
ولفظُ "صلاة صلاهْ"
يضِجّ بسَمْعَيْهما في ظلام المساءْ
* * *
" ألستَ ترى "
" خُذْهما ! "
ثم ساد السكون العميق
ولم يَبْقَ من شَبَح في الطريق
* * *
وفي المعْبَد البرْهميّ الكبير
وحيثُ الغموضُ المُثيرْ
وحيثُ غرابةُ بوذا تلُفّ المكانْ
يُصلّي الذينَ عيونُهُم لا تموتْ
ويَرْقُبُهم ذلكَ العنكبوتْ
على البرج مستغْرَقاً في سكوتْ ,
فيرتفعُ الصوت ضخْماً , عميق الصدى , كالزمان
ويرتجفُ الشَّبَحانْ
* * *
" من القلعةِ الرطبةِ الباردهْ
" ومن ظُلُمات البيوت
" من الشُرَف الماردهْ
" من البرجِ , حيثُ يدُ العنبكوتْ
" تُشيرُ لنا في سكوتْ
" من الطرقات التي َتعْلِك الظُلْمَةَ الصامتهْ
" أتيناكَ نسحَب أسرارَنا الباهتهْ
" أتيناكَ , نحن عبيدَ الزمانْ
" وأسرَاه نحن الذينَ عيونُهُم لا تموتْ
" أتينا نَجُرّ الهوانْ "
" ونسألُكَ الصفْحَ عن هذه الأعين المُذْنبهْ
" ترسّبَ في عُمْق أعماقها كلُّ حزْنِ السنينْ
" وصوتُ ضمائرِنا المُتعَبَهْ
" أجشٌّ رهيبُ الرّنينْ
" أتيناكَ يا من يذُرّ السُّهادْ
" على أعينِ المُذْنبينْ
" على أعينِ الهاربينْ
" إلى أمسِهِم ليلوذوا هناك بتلّ رمَادْ
" من الغَدِ ذي الأعين الخُضرِ . يا من نراهْ
" صباحَ مساءَ يسوقُ الزمانْ
" يُحدّق , عيناه لا تغفوان
" وكفَّاه مَطْويّتانْ
" على ألفِ سرٍّ . أتينا نُمرِّغ هذي الجباهْ
" على أرض معبدِهِ في خُشُوعْ
" نُناديهِ, دونَ دموعْ ,
" ونصرخ: آهْ !
" تعِبْنا فدعْنا ننامْ
"فلا نسْمع الصوتَ يَهْتف فينا : "صلاهْ !
" إذا دقَّتِ الساعة الثانيهْ ,
" ولا يطرق الحَرَس الكالحونْ
الخيط المشدود -نازك الملائكة
-1-
في سوادِ الشارعِ المُظلم والصمتِ الأصمِّ
حيثُ لا لونَ سوى لونِ الدياجي المدلهمِّ
حيثُ يُرخي شجرُ الدُفلى أساهُ
فوقَ وجهِ الأرضِ ظلاَّ ،
قصةٌ حدّثني صوتٌ بها ثم اضمحلا
وتلاشتْ في الدَّياجي شفتاهُ
-2-
قصةُ الحبّ الذي يحسبه قلبكَ ماتا
وهو ما زالَ انفجاراً وحياةَ
وغداً يعصرُكَ الشوقُ إليَّا
وتناديني فتَعْيَـى ،
تَضغَظُ الذكرى على صَدركَ عِبئا
من جنونٍ ، ثم لا تلمُسُ شيئا
أيُّ شيءٍ ، حُلمٌ لفظٌ رقيقُ
أيُّ شيءٍ ، ويناديكَ الطريقُ
فتفيقُ .
ويراكَ الليلُ في الدَّرْبِ وحيداً
تسألُ الأمسَ البعيدا
أنْ يعودا
ويراكَ الشارعُ الحالِمُ والدُفْلى ، تسيرُ
لونُ عينيكَ انفعالٌ وحبورُ
وعلى وجهك حبٌّ وشعورُ
كلّ ما في عمقِ أعماقِكَ مرسومٌ هناكْ
وأنا نفسي أراكْ
من مكاني الداكن الساجي البعيدْ
وأرى الحُلْمَ السَّعيدْ
خلفَ عينيكَ يُناديني كسيرا
..... وترى البيتَ أخيرا
بيتنا ، حيثُ التقينا
عندما كانَ هوانا ذلك الطفلَ الغَرِيرا
لونُهُ في شفتَينا
وارتعاشاتُ صِباهُ في يَدَيْنَـا
-3-
وترى البيتَ فتبقى لحظةً دونَ حِراكْ :
" ها هو البيتُ كما كان ، هناك
لم يزلْ تَحجبُهُ الدُفْلَى ويَحنو
فوقَهُ النَّارنجُ والسروُ الأغنُّ
وهنا مجلسنا ...
ماذا أُحسُّ ؟
حيرةٌ في عُمق أعماقي ، وهمسُ
ونذيرٌ يتحدَّى حُلمَ قلبي
ربما كانت .. ولكن فِيمَ رُعْبِي؟
هي ما زالتْ على عَهد ِهَوَانا
هي ما زالتْ حَنانا
وستلقاني تحاياها كما كنا قديما
وستلقاني ... " .
وتمشي مطمئناً هادئاً
في الممرِّ المظلم الساكن ، تمشي هازئا
بِهتافِ الهاجسِ المنذر بالوَهْم الكذوبِ :
" ها أنا عُدت وقد فارقتُ أكداسَ ذنوبي
ها أنا ألمحُ عينيكِ تُطِلُّ
ربما كنتِ وراءَ البابِ ، أو يُخفيكِ ظلُّ
ها أنا عُدتُ، وهذا السلَّمُ
هو ذا البابُ العميقُ اللونِ ، ما لي أُحجمُ ؟
لحظةً ثم أراها
لحظةً ثم أعي وَقْعَ خُطاها
ليكن.. فلأطرقِ البابَ ... "
وتمضي لَحَظَاتْ
ويَصِرُّ البابُ في صوتٍ كئيبِ النبراتْ
وتَرى في ظُلمةِ الدهليزِ وجهاً شاحبا
جامداً يعكسُ ظلاً غاربا :
" هلْ .. ؟ " ويخبو صوتُكَ المبحوحُ في نَبْرٍ حزينْ
لا تقولي إنها... "
" يا للجنونْ !
أيها الحالِمُ ، عَمَّن تسألُ ؟
إنها ماتتْ "
وتمضي لحظتانْ
أنت ما زلتَ كأنْ لم تسمعِ الصوتَ المثُيرْ
جامداً ، تَرْمُقُ أطرافَ المكانْ
شارداً ، طرفُك مشدودٌ إلى خيطٍ صغيرْ
شُدَّ في السرْوة لا تدري متى ؟
ولماذا ؟ فهو ما كانَ هناك
منذُ شهرينِ ، وكادتْ شفتاكْ
تسألُ الأختَ عن الخيطِ الصغيرْ
ولماذا علَّقوهُ ؟ ومتى ؟
ويرنُّ الصوتُ في سمعكَ : " ماتت.."
"إنها ماتتْ.." وترنو في برودِ
فترَى الخيطَ حِبالاً من جليدِ
عقدتها أذرُعٌ غابت ووارتها المَنُونْ
منذ آلافِ القُرونْ
وتَرى الوجهَ الحزينْ
ضخَّمتْهُ سحُبُ الرُّعب على عينيكَ . "ماتت.."
-4-
هي " ماتتْ " لفظةٌ من دونِ معنى
وصَدى مطرقةٍ جوفاءَ يعلو ثم يَفْنَى
ليسَ يعنيكَ تَواليه الرتيبُ
كلّ ما تُبصرُهُ الآنَ هو الخيطُ العجيبُ
أتراها هي شَدَّتهُ ؟ ويعلو
ذلك الصوتُ المُملُّ
صوتُ " ماتتْ " داوياً لا يضمحلُّ
يملأُ الليلَ صُراخاً ودويّا
" إنَّها ماتت " صدى يهمسهُ الصوتُ مليّا
وهُتافٌ رددتُه الظلماتُ
ورَوَتْهُ شجراتُ السروِ في صوتٍ عميقِ
" أنّها ماتت " وهذا ما تقولُ العاصفاتُ
" إنّها ماتتْ " صَدىً يصرخُ في النجمِ السحيقِ
وتكادُ الآنَ أنْ تسمعهُ خلفَ العروقِ
-5-
صوتُ ماتتْ رنَّ في كلِّ مكانِ
هذه المطرقةُ الجوفاءُ في سَمع الزمانِ
صوتُ " ماتت " خانقٌ كالأفعوانِ
كلُّ حرفٍ عصبٌ يلهثُ في صدركَ رُعبا
ورؤى مشنقةٍ حمراء لا تملكُ قلبا
وتَجَنِّي مِخلبٍ مختلجٍ ينهش نَهشا
وصدى صوتٍ جحيميٍّ أجَشَّا
هذه المطرقةُ الجوفاءُ : " ماتت "
هي ماتتْ ، وخلا العالَمُ منها
في سوادِ الشارعِ المُظلم والصمتِ الأصمِّ
حيثُ لا لونَ سوى لونِ الدياجي المدلهمِّ
حيثُ يُرخي شجرُ الدُفلى أساهُ
فوقَ وجهِ الأرضِ ظلاَّ ،
قصةٌ حدّثني صوتٌ بها ثم اضمحلا
وتلاشتْ في الدَّياجي شفتاهُ
-2-
قصةُ الحبّ الذي يحسبه قلبكَ ماتا
وهو ما زالَ انفجاراً وحياةَ
وغداً يعصرُكَ الشوقُ إليَّا
وتناديني فتَعْيَـى ،
تَضغَظُ الذكرى على صَدركَ عِبئا
من جنونٍ ، ثم لا تلمُسُ شيئا
أيُّ شيءٍ ، حُلمٌ لفظٌ رقيقُ
أيُّ شيءٍ ، ويناديكَ الطريقُ
فتفيقُ .
ويراكَ الليلُ في الدَّرْبِ وحيداً
تسألُ الأمسَ البعيدا
أنْ يعودا
ويراكَ الشارعُ الحالِمُ والدُفْلى ، تسيرُ
لونُ عينيكَ انفعالٌ وحبورُ
وعلى وجهك حبٌّ وشعورُ
كلّ ما في عمقِ أعماقِكَ مرسومٌ هناكْ
وأنا نفسي أراكْ
من مكاني الداكن الساجي البعيدْ
وأرى الحُلْمَ السَّعيدْ
خلفَ عينيكَ يُناديني كسيرا
..... وترى البيتَ أخيرا
بيتنا ، حيثُ التقينا
عندما كانَ هوانا ذلك الطفلَ الغَرِيرا
لونُهُ في شفتَينا
وارتعاشاتُ صِباهُ في يَدَيْنَـا
-3-
وترى البيتَ فتبقى لحظةً دونَ حِراكْ :
" ها هو البيتُ كما كان ، هناك
لم يزلْ تَحجبُهُ الدُفْلَى ويَحنو
فوقَهُ النَّارنجُ والسروُ الأغنُّ
وهنا مجلسنا ...
ماذا أُحسُّ ؟
حيرةٌ في عُمق أعماقي ، وهمسُ
ونذيرٌ يتحدَّى حُلمَ قلبي
ربما كانت .. ولكن فِيمَ رُعْبِي؟
هي ما زالتْ على عَهد ِهَوَانا
هي ما زالتْ حَنانا
وستلقاني تحاياها كما كنا قديما
وستلقاني ... " .
وتمشي مطمئناً هادئاً
في الممرِّ المظلم الساكن ، تمشي هازئا
بِهتافِ الهاجسِ المنذر بالوَهْم الكذوبِ :
" ها أنا عُدت وقد فارقتُ أكداسَ ذنوبي
ها أنا ألمحُ عينيكِ تُطِلُّ
ربما كنتِ وراءَ البابِ ، أو يُخفيكِ ظلُّ
ها أنا عُدتُ، وهذا السلَّمُ
هو ذا البابُ العميقُ اللونِ ، ما لي أُحجمُ ؟
لحظةً ثم أراها
لحظةً ثم أعي وَقْعَ خُطاها
ليكن.. فلأطرقِ البابَ ... "
وتمضي لَحَظَاتْ
ويَصِرُّ البابُ في صوتٍ كئيبِ النبراتْ
وتَرى في ظُلمةِ الدهليزِ وجهاً شاحبا
جامداً يعكسُ ظلاً غاربا :
" هلْ .. ؟ " ويخبو صوتُكَ المبحوحُ في نَبْرٍ حزينْ
لا تقولي إنها... "
" يا للجنونْ !
أيها الحالِمُ ، عَمَّن تسألُ ؟
إنها ماتتْ "
وتمضي لحظتانْ
أنت ما زلتَ كأنْ لم تسمعِ الصوتَ المثُيرْ
جامداً ، تَرْمُقُ أطرافَ المكانْ
شارداً ، طرفُك مشدودٌ إلى خيطٍ صغيرْ
شُدَّ في السرْوة لا تدري متى ؟
ولماذا ؟ فهو ما كانَ هناك
منذُ شهرينِ ، وكادتْ شفتاكْ
تسألُ الأختَ عن الخيطِ الصغيرْ
ولماذا علَّقوهُ ؟ ومتى ؟
ويرنُّ الصوتُ في سمعكَ : " ماتت.."
"إنها ماتتْ.." وترنو في برودِ
فترَى الخيطَ حِبالاً من جليدِ
عقدتها أذرُعٌ غابت ووارتها المَنُونْ
منذ آلافِ القُرونْ
وتَرى الوجهَ الحزينْ
ضخَّمتْهُ سحُبُ الرُّعب على عينيكَ . "ماتت.."
-4-
هي " ماتتْ " لفظةٌ من دونِ معنى
وصَدى مطرقةٍ جوفاءَ يعلو ثم يَفْنَى
ليسَ يعنيكَ تَواليه الرتيبُ
كلّ ما تُبصرُهُ الآنَ هو الخيطُ العجيبُ
أتراها هي شَدَّتهُ ؟ ويعلو
ذلك الصوتُ المُملُّ
صوتُ " ماتتْ " داوياً لا يضمحلُّ
يملأُ الليلَ صُراخاً ودويّا
" إنَّها ماتت " صدى يهمسهُ الصوتُ مليّا
وهُتافٌ رددتُه الظلماتُ
ورَوَتْهُ شجراتُ السروِ في صوتٍ عميقِ
" أنّها ماتت " وهذا ما تقولُ العاصفاتُ
" إنّها ماتتْ " صَدىً يصرخُ في النجمِ السحيقِ
وتكادُ الآنَ أنْ تسمعهُ خلفَ العروقِ
-5-
صوتُ ماتتْ رنَّ في كلِّ مكانِ
هذه المطرقةُ الجوفاءُ في سَمع الزمانِ
صوتُ " ماتت " خانقٌ كالأفعوانِ
كلُّ حرفٍ عصبٌ يلهثُ في صدركَ رُعبا
ورؤى مشنقةٍ حمراء لا تملكُ قلبا
وتَجَنِّي مِخلبٍ مختلجٍ ينهش نَهشا
وصدى صوتٍ جحيميٍّ أجَشَّا
هذه المطرقةُ الجوفاءُ : " ماتت "
هي ماتتْ ، وخلا العالَمُ منها
الكوليرا-نازك الملائكة
سكَنَ الليلُ
أصغِ إلى وَقْع صَدَى الأنَّاتْ
في عُمْق الظلمةِ, تحتَ الصمتِ, على الأمواتْ
صَرخَاتٌ تعلو, تضطربُ
حزنٌ يتدفقُ, يلتهبُ
يتعثَّر فيه صَدى الآهاتْ
في كلِّ فؤادٍ غليانُ
في الكوخِ الساكنِ أحزانُ
في كل مكانٍ روحٌ تصرخُ في الظُلُماتْ
في كلِّ مكانٍ يبكي صوتْ
هذا ما قد مَزَّقَـهُ الموت
الموتُ الموتُ الموتْ
يا حُزْنَ النيلِ الصارخِ مما فعلَ الموتْ
* * *
طَلَع الفجرُ
أصغِ إلى وَقْع خُطَى الماشينْ
في صمتِ الفجْر, أصِخْ, انظُرْ ركبَ الباكين
عشرةُ أمواتٍ, عشرونا
لا تُحْصِ أصِخْ للباكينا
اسمعْ صوتَ الطِّفْل المسكين
مَوْتَى, مَوْتَى, ضاعَ العددُ
مَوْتَى , موتَى , لم يَبْقَ غَدُ
في كلِّ مكانٍ جَسَدٌ يندُبُه محزونْ
لا لحظَةَ إخلادٍ لا صَمْتْ
هذا ما فعلتْ كفُّ الموتْ
الموتُ الموتُ الموتْ
تشكو البشريّةُ تشكو ما يرتكبُ الموتْ
* * *
الكوليرا
في كَهْفِ الرُّعْب مع الأشلاءْ
في صمْت الأبدِ القاسي حيثُ الموتُ دواءْ
استيقظَ داءُ الكوليرا
حقْدًا يتدفّقُ موْتورا
هبطَ الوادي المرِحَ الوضّاءْ
يصرخُ مضطربًا مجنونا
لا يسمَعُ صوتَ الباكينا
في كلِّ مكانٍ خلَّفَ مخلبُهُ أصداء
في كوخ الفلاّحة في البيتْ
لا شيءَ سوى صرَخات الموتْ
الموتُ الموتُ الموتْ
في شخص الكوليرا القاسي ينتقمُ الموتْ
* * *
الصمتُ مريرْ
لا شيءَ سوى رجْعِ التكبيرْ
حتّى حَفّارُ القبر ثَوَى لم يبقَ نَصِيرْ
الجامعُ ماتَ مؤذّنُهُ
الميّتُ من سيؤبّنُهُ
لم يبقَ سوى نوْحٍ وزفيرْ
الطفلُ بلا أمٍّ وأبِ
يبكي من قلبٍ ملتهِبِ
وغدًا لا شكَّ سيلقفُهُ الداءُ الشرّيرْ
يا شبَحَ الهيْضة ما أبقيتْ
لا شيءَ سوى أحزانِ الموتْ
الموتُ, الموتُ, الموتْ
يا مصرُ شعوري مَزَّقَـهُ ما فعلَ الموتْ
أصغِ إلى وَقْع صَدَى الأنَّاتْ
في عُمْق الظلمةِ, تحتَ الصمتِ, على الأمواتْ
صَرخَاتٌ تعلو, تضطربُ
حزنٌ يتدفقُ, يلتهبُ
يتعثَّر فيه صَدى الآهاتْ
في كلِّ فؤادٍ غليانُ
في الكوخِ الساكنِ أحزانُ
في كل مكانٍ روحٌ تصرخُ في الظُلُماتْ
في كلِّ مكانٍ يبكي صوتْ
هذا ما قد مَزَّقَـهُ الموت
الموتُ الموتُ الموتْ
يا حُزْنَ النيلِ الصارخِ مما فعلَ الموتْ
* * *
طَلَع الفجرُ
أصغِ إلى وَقْع خُطَى الماشينْ
في صمتِ الفجْر, أصِخْ, انظُرْ ركبَ الباكين
عشرةُ أمواتٍ, عشرونا
لا تُحْصِ أصِخْ للباكينا
اسمعْ صوتَ الطِّفْل المسكين
مَوْتَى, مَوْتَى, ضاعَ العددُ
مَوْتَى , موتَى , لم يَبْقَ غَدُ
في كلِّ مكانٍ جَسَدٌ يندُبُه محزونْ
لا لحظَةَ إخلادٍ لا صَمْتْ
هذا ما فعلتْ كفُّ الموتْ
الموتُ الموتُ الموتْ
تشكو البشريّةُ تشكو ما يرتكبُ الموتْ
* * *
الكوليرا
في كَهْفِ الرُّعْب مع الأشلاءْ
في صمْت الأبدِ القاسي حيثُ الموتُ دواءْ
استيقظَ داءُ الكوليرا
حقْدًا يتدفّقُ موْتورا
هبطَ الوادي المرِحَ الوضّاءْ
يصرخُ مضطربًا مجنونا
لا يسمَعُ صوتَ الباكينا
في كلِّ مكانٍ خلَّفَ مخلبُهُ أصداء
في كوخ الفلاّحة في البيتْ
لا شيءَ سوى صرَخات الموتْ
الموتُ الموتُ الموتْ
في شخص الكوليرا القاسي ينتقمُ الموتْ
* * *
الصمتُ مريرْ
لا شيءَ سوى رجْعِ التكبيرْ
حتّى حَفّارُ القبر ثَوَى لم يبقَ نَصِيرْ
الجامعُ ماتَ مؤذّنُهُ
الميّتُ من سيؤبّنُهُ
لم يبقَ سوى نوْحٍ وزفيرْ
الطفلُ بلا أمٍّ وأبِ
يبكي من قلبٍ ملتهِبِ
وغدًا لا شكَّ سيلقفُهُ الداءُ الشرّيرْ
يا شبَحَ الهيْضة ما أبقيتْ
لا شيءَ سوى أحزانِ الموتْ
الموتُ, الموتُ, الموتْ
يا مصرُ شعوري مَزَّقَـهُ ما فعلَ الموتْ
عاشقة الليل-نازك الملائكة
ظلامَ الليــلِ يا طــاويَ أحزانِ القلوبِ
أُنْظُرِ الآنَ فهذا شَبَحٌ بادي الشُحـــوبِ
جاء يَسْعَى ، تحتَ أستاركَ ، كالطيفِ الغريبِ
حاملاً في كفِّه العــودَ يُغنّـــي للغُيوبِ
ليس يَعْنيهِ سُكونُ الليـلِ في الوادي الكئيبِ
* * *
هو ، يا ليلُ ، فتاةٌ شهد الوادي سُـــرَاها
أقبلَ الليلُ عليهــا فأفاقتْ مُقْلتاهـــا
ومَضتْ تستقبلُ الوادي بألحــانِ أساهــا
ليتَ آفاقَكَ تــدري ما تُغنّـي شَفَتاهــا
آهِ يا ليلُ ويا ليتَــكَ تـدري ما مُنَاهــا
* * *
جَنَّها الليلُ فأغرتها الدَيَاجــي والسكــونُ
وتَصَبَّاها جمالُ الصَمْــتِ ، والصَمْتُ فُتُونُ
فنَضتْ بُرْدَ نَهارٍ لفّ مَسْــراهُ الحنيـــنُ
وسَرَتْ طيفاً حزيناً فإِذا الكــونُ حزيــنُ
فمن العودِ نشيجٌ ومن الليـــلِ أنيـــنُ
* * *
إِيهِ يا عاشقةَ الليلِ وواديـــهِ الأَغــنِّ
هوَ ذا الليلُ صَدَى وحيٍ ورؤيـــا مُتَمنِّ
تَضْحكُ الدُنْيا وما أنتِ سوى آهةِ حُــزْنِ
فخُذي العودَ عن العُشْبِ وضُمّيهِ وغنّـي
وصِفي ما في المساءِ الحُلْوِ من سِحْر وفنِّ
* * *
ما الذي ، شاعرةَ الحَيْرةِ ، يُغْري بالسمـاءِ ؟
أهي أحلامُ الصَبايا أم خيالُ الشعـــراء ؟
أم هو الإغرامُ بالمجهولِ أم ليلُ الشقــاءِ ؟
أم ترى الآفاقُ تَستهويكِ أم سِحْرُ الضيـاءِ ؟
عجباً شاعرةَ الصمْتِ وقيثارَ المســـاء
* * *
طيفُكِ الساري شحـوبٌ وجلالٌ وغمـوضُ
لم يَزَلْ يَسْري خيالاً لَفَّـه الليلُ العـريضُ
فهو يا عاشقةَ الظُلْمة أســـرارٌ تَفيضُ
آه يا شاعرتي لن يُرْحَمَ القلبُ المَهِيـضُ
فارجِعي لا تَسْألي البَرْقَ فما يدري الوميضُ
* * *
عَجَباً ، شاعرةَ الحَيْرةِ ، ما سـرُّ الذُهُـولِ ؟
ما الذي ساقكِ طيفاً حالِماً تحتَ النخيـلِ ؟
مُسْنَدَ الرأسِ إلى الكفَينِ في الظلِّ الظليـلِ
مُغْرَقاً في الفكر والأحزانِ والصمتِ الطويلِ
ذاهلاً عن فتنةِ الظُلْمة في الحقلِ الجميـلِ
* * *
أَنْصتي هذا صُراخُ الرعْدِ ، هذي العاصفاتُ
فارجِعي لن تُدْركي سرّاً طوتْهُ الكائنــاتُ
قد جَهِلْناهُ وضنَــتْ بخفايــاهُ الحيــاةُ
ليس يَدْري العاصـفُ المجنونُ شيئاً يا فتاةُ
فارحمي قلبَكِ ، لــن تَنْطِقُ هذي الظُلُماتُ
أُنْظُرِ الآنَ فهذا شَبَحٌ بادي الشُحـــوبِ
جاء يَسْعَى ، تحتَ أستاركَ ، كالطيفِ الغريبِ
حاملاً في كفِّه العــودَ يُغنّـــي للغُيوبِ
ليس يَعْنيهِ سُكونُ الليـلِ في الوادي الكئيبِ
* * *
هو ، يا ليلُ ، فتاةٌ شهد الوادي سُـــرَاها
أقبلَ الليلُ عليهــا فأفاقتْ مُقْلتاهـــا
ومَضتْ تستقبلُ الوادي بألحــانِ أساهــا
ليتَ آفاقَكَ تــدري ما تُغنّـي شَفَتاهــا
آهِ يا ليلُ ويا ليتَــكَ تـدري ما مُنَاهــا
* * *
جَنَّها الليلُ فأغرتها الدَيَاجــي والسكــونُ
وتَصَبَّاها جمالُ الصَمْــتِ ، والصَمْتُ فُتُونُ
فنَضتْ بُرْدَ نَهارٍ لفّ مَسْــراهُ الحنيـــنُ
وسَرَتْ طيفاً حزيناً فإِذا الكــونُ حزيــنُ
فمن العودِ نشيجٌ ومن الليـــلِ أنيـــنُ
* * *
إِيهِ يا عاشقةَ الليلِ وواديـــهِ الأَغــنِّ
هوَ ذا الليلُ صَدَى وحيٍ ورؤيـــا مُتَمنِّ
تَضْحكُ الدُنْيا وما أنتِ سوى آهةِ حُــزْنِ
فخُذي العودَ عن العُشْبِ وضُمّيهِ وغنّـي
وصِفي ما في المساءِ الحُلْوِ من سِحْر وفنِّ
* * *
ما الذي ، شاعرةَ الحَيْرةِ ، يُغْري بالسمـاءِ ؟
أهي أحلامُ الصَبايا أم خيالُ الشعـــراء ؟
أم هو الإغرامُ بالمجهولِ أم ليلُ الشقــاءِ ؟
أم ترى الآفاقُ تَستهويكِ أم سِحْرُ الضيـاءِ ؟
عجباً شاعرةَ الصمْتِ وقيثارَ المســـاء
* * *
طيفُكِ الساري شحـوبٌ وجلالٌ وغمـوضُ
لم يَزَلْ يَسْري خيالاً لَفَّـه الليلُ العـريضُ
فهو يا عاشقةَ الظُلْمة أســـرارٌ تَفيضُ
آه يا شاعرتي لن يُرْحَمَ القلبُ المَهِيـضُ
فارجِعي لا تَسْألي البَرْقَ فما يدري الوميضُ
* * *
عَجَباً ، شاعرةَ الحَيْرةِ ، ما سـرُّ الذُهُـولِ ؟
ما الذي ساقكِ طيفاً حالِماً تحتَ النخيـلِ ؟
مُسْنَدَ الرأسِ إلى الكفَينِ في الظلِّ الظليـلِ
مُغْرَقاً في الفكر والأحزانِ والصمتِ الطويلِ
ذاهلاً عن فتنةِ الظُلْمة في الحقلِ الجميـلِ
* * *
أَنْصتي هذا صُراخُ الرعْدِ ، هذي العاصفاتُ
فارجِعي لن تُدْركي سرّاً طوتْهُ الكائنــاتُ
قد جَهِلْناهُ وضنَــتْ بخفايــاهُ الحيــاةُ
ليس يَدْري العاصـفُ المجنونُ شيئاً يا فتاةُ
فارحمي قلبَكِ ، لــن تَنْطِقُ هذي الظُلُماتُ
انشـــــودة المطــــر-بدر شاكر السياب
عيناك غابتا نخيل ساعة السحر.
أو شرفتان راح ينأى عنهما القمر
عيناك حين تبسمان تورق الكروم
وترقص الأضواء .. كالأقمار في نهر
يرجه المجداف وهنا ساعة السحر...
كأنما تنبض في غوريهما النجوم
وتغرقان في ضباب من أسى شفيف كالبحر
سرح اليدين فوقه المساءدفء الشتاء فيه
و ارتعاشة الخريف و الموت و الميلاد و الظلام و الضياء
فتستفيق ملء روحي ، رعشة البكاء.
كنشوة الطفل إذا خاف من القمر
كأن أقواس السحاب تشرب الغيوم..
وقطرة فقطرة تذوب في المطر
وكركر الأطفال في عرائش الكرو م
ودغدغت صمت العصافير على الشجر
أنشودة المطرمطرمطرمطر
تثاءبي المساء و الغيوم ما تزال.
تسح ما تسح من دموعها الثقال :
كأن طفلا بات يهذي قبل أن ينام بأن أمه -
التي أفاق منذ عامفلم يجدها،
ثم حين لج في السؤال قالوا له :
" بعد غد تعود" -لابد أن تعود
و إن تهامس الرفاق أنها هناكفي جانب التل تنام نومة اللحود،
تسف من ترابها و تشربي المطر
كأن صيادا حزينا يجمع الشباك
ويلعن المياه و القدر
و ينثر الغناء حيث يأفل القمر
المطرالمطرأتعلمين أي حزن يبعث المطر ؟
وكيف تنشج المزاريب إذا انهمر ؟
و كيف يشعر الوحيد فيه بالضياع؟
،بلا انتهاء_ كالدم المراق، كالجياعكالحب كالأطفال كالموتى - هو المطر
ومقلتاك بي تطيفان مع المطر
وعبر أمواج الخليج تمسح البروق
سواحل العراق بالنجوم و المحار
كأنها تهم بالبروق.
فيسحب الليل عليها من دم دثار
اصح بالخيلج : " يا خليج"يا واهب اللؤلؤ و المحار و الردى
فيرجع الصدى:كأنه النشيج
يا خليج"".. يا واهب المحار و الردى
أكاد أسمع العراق يذخر الرعود
و يخزن البروق في السهول و الجبال
حتى إذا ما فض عنها ختمها الرجال
لم تترك الرياح من ثمود.
في الواد من اثر أكاد اسمع النخيل يشرب المطر
و اسمع القرى تئن ،
و المهاجرين،يصارعون بالمجاذيف و بالقلوع :
عواصف الخليج و الرعود ،
منشدين مطر"مطرمطر
وفي العراق جوع وينثر الغلال فيه موسم الحصاد
لتشبع الغربان و الجراد
و تطحن الشوان و الحجررحى تدور في الحقول …
حولها بشرمطرمطرمطر
وكم ذرفنا ليلة الرحيل من دموع
ثم اعتللنا - خوف أن نلام - بالمطرمطرمطر
و منذ أن كنا صغارا، كانت السماءتغيم في الشتاء،
و يهطل المطر وكل عام - حين يعشب الثرى-
نجوع ما مر عام و العراق ليس فيه جوع
مطرمطرمطر
في كل قطرة من المطر.
حمراء أو صفراء من أجنة الزهر
و كل دمعة من الجياع و العراة
وكل قطرة تراق
من دم العبيدفهي ابتسام
في انتظار مبسم جديد
أو حلمة توردت على فم الوليد
في عالم الغد الفتي واهب الحياةمطرمطرمطر"..
سيعشب العراق بالمطر
أصيح بالخليج : " يا خليج"يا واهب اللؤلؤ و المحار و الردى
فيرجع الصدى:كأنه النشيج
يا خليج"" يا واهب المحار و الردى
وينثر الخليج من هباته الكثارعلى الرمال ،
رغوه الاجاج ، و المحارو ما تبقى ن عظام بائس غريق
من المهاجرين ظل يشرب الردىمن لجة الخليج و القرار
و في العراق ألف أفعى تشرب الرحيق.
من زهرة يربها الرفات بالندى
و اسمع الصدى يرن في الخليج
مطر"مطرمطر
في كل قطرة من المطر
حمراء أو صفراء من أجنة الزهر
وكل دمعة من الجياع و العراة
وكل قطرة تراق من دم العبيد
فهي ابتسام في انتظار مبسم جديد
أو حلمة توردت على فم الوليد
في عالم الغد الفتي ، واهب الحياة "
ويهطل المطر
لك الحمد ان الرزايا عطاء-بدر شاكر السياب
لكَ الحَمدُ مهما إستطالَ البلاء
ومهما إستبدٌ الألم
لكَ الحمدُ إن ٌ الرزايا عطاء
وإنٌ المَصيبات بعض الكَرَم
ألم تُعطني أنت هذا الظلام
وأعطيتني أنت هذا السّحر؟
فهل تشكر الأرض قطر المطر
وتغضب إن لم يجدها الغمام؟
شهور طوال وهذي الجِراح
تمزّق جنبي مثل المدى
ولا يهدأ الداء عند الصباح
ولا يمسح اللّيل أوجاعه بالردى.
ولكنّ أيّوب إن صاح صاح
لك الحمد، ان الرزايا ندى
وإنّ الجراح هدايا الحبيب
أضمٌ إلى الصدر ِ باقتها
هداياكَ في خافقي لاتَغيب
هاتها ... هداياكَ مقبولةُ
أشد جراحي وأهتف
بالعائدين
ألا فانظروا واحسدوني
فهذى هدايا حبيبي
وإن مسّت النار حرّ الجبين
توهّمتُها قُبلة منك مجبولة من لهيب.
جميل هو السّهدُ أرعى سماك
بعينيّ حتى تغيب النجوم
ويلمس شبّاك داري سناك.
جميل هو الليل: أصداء بوم
وأبواق سيارة من بعيد
وآهاتُ مرضى، وأم تُعيد
أساطير آبائها للوليد
وغابات ليل السُّهاد، الغيوم
تحجّبُ وجه السماء
وتجلوه تحت القمر
وإن صاح أيوب كان النداء
لك الحمد يا رامياً بالقدر
وياكاتبا ً بعد ذاكَ الشفاء
الفــــــــلاح-احمد الصافي النجفي
رِفْقَـاً بِنَفْسِـكَ أيُّهَـا الفَـلاَّحُ
تَسْعَى وَسَعْيُـكَ لَيْسَ فِيهِ فَـلاَحُ
لَكَ فِي الصَّبَاحِ عَلَى عَنَائِكَ غُدْوَةٌ
وَعَلَى الطَّوَى لَكَ فِي الْمَسَاءِ رَوَاحُ
هذِي الجِّرَاحُ بِرَاحَتَيْـكَ عَمِيقـَةٌ
وَنَظِيرُهَا لَـكَ فِي الفـُؤَادِ جِرَاحُ
فِي اللَّيْلِ بَيْتُكَ مِثْلُ دَهْـرِكَ مُظْلِمٌ
مَا فِيـهِ لا شَمْـعٌ وَلا مِصْبَـاحُ
فَيَخُرّ سَقْفُكَ إنْ هَمَتْ عَيْنُ السَّمَا
وَيَطِيـر كُوخُـكَ إذْ تَهُبُّ رِيَاحُ
حَتَّى الحَمَامُ عَلَيْـكَ رَقَّ بِدَوحِـهِ
فَلَـهُ بِحَقْلِـكَ رَنَّـةٌ وَنُـوَاحُ
هَذِي دُيُونُـكَ لَمْ يُسَـدَّدْ بَعْضُهَا
عَجْزَاً فَكَيْفَ تُسَـدَّدُ الأَرْبَـاحُ
بِغُضُونِ وَجْهِكَ لِلْمَشَقَّـةِ أَسْطُـرٌ
وَعَلَى جَبِينِـكَ لِلشَّقَـا أَلْـوَاحُ
عَرَقُ الحَيَاةِ يَسِيـلُ مِنْـكَ لآلِئَـاً
فَيُـزَانُ مِنْهَـا لِلْغَنِـيّ وِشَـاحُ
أَتَصُدّ جَيْشَ الطَّامِعِينَ وَلَـمْ يَكُنْ
لَكَ في الدِّفَاعِ سِوَى الصِّيَاحِ سِلاحُ
قَدْ كَانَ يُجْدِيكَ الصِّيَاحُ لَدَيْهُـمُ
لَوْ فَجَّـرَ الصَّخْـرَ الأَصَّمَ صِيَاحُ
يَتَنَازَعُونَ عَلَى امْتِلاكِـكَ بَيْنَهُـمْ
فَلَهُـمْ عَليْـكَ تَشَاجُـرٌ وَكِفَاحُ
كَمْ دَارَتِ الأقْـدَاحُ بَيْنَهُمُ وَلَـمْ
تُمْـلَ بِغَيْـرِ دُمُوعِـكَ الأَقْدَاحُ
حَسِبَ الوُلاةُ الحَاكِمُونَ عَلَى القُرَى
أَنْ ثَـمَّ أَجْسَـادٌ وَلا أَرْوَاحُ
كَيْفَ التَّفَاهُمُ بَيْنَ ذَيْنِـكَ ، نَائِحٌ
يَشْكُو العَذَابَ وَسَامِـعٌ مُرْتَـاحُ
قَدْ أَنْكَرُوا البُؤْسَ الذِي بِكَ مُحْدِقٌ
أَفَيُنْكِـرُونَ الحَـقَّ وَهْـوَ صَرَاحُ
عَجَبَاً أَيُنْكِرُ بُؤْسَ سُكَّانِ القُـرَى
إلاَّ وُجُـوهٌ كَالصَّفِيـحِ وِقَـاحُ
يَا غَارِسَ الشَّجَرِ المُؤَمَّـلِ نَفْعُـهُ
دَعْـهُ فَـإنَّ ثِمَـارَهُ الأتْـرَاحُ
إقْلَعْـهُ فَالثَّمَـرُ اللّذِيـذُ مُحَـرَّمٌ
لِلْغَارِسِيـنَ وَلِلْقَـوِيِّ مُبَـاحُ
أَصْبَحْتَ تُورِثُكَ الحُقُولُ أَسَىً فَمَا
يَهْتَـاجُ أُنْسَـكَ نَشْـرُهَا الفَيَّاحُ
تَرْتَاعُ مِنْ مَـرْأى النَّخِيلِ كأنَّمَـا
سَعَـفُ النَّخِيلِ أَسِنَّـةٌ وَصِفَـاحُ
يَا وَاهِبَ الخَيْـرِ الجَزَيلِ لِشَعْبِـهِ
أَكَذَا يُجَـازَى بِالعِقَابِ سَمَاحُ
أَفْنَـتْ حُقُولَـكَ آفَـةٌ أَرْضِيَّـةٌ
عَاثَتْ بِهَا وَشِعَـارُها الإصْـلاحُ
طَيْرُ السَّعَادَةِ طَارَ عَنْـكَ مُحَلِّقَـاً
هاشــــــم الوتري-محمد مهدي الجواهري
مجَّدْتُ فيكَ مَشاعِراً ومَواهبا وقضيْتُ فَرضاً للنوابغِ واجِبا
بالمُبدعينَ " الخالقينَ " تنوَّرَتْ شتَّى عوالمَ كُنَّ قبلُ خرائبا
شرفاً " عميدَ الدارِ " عليا رُتبةٍ بُوِّئْتَها في الخالدين مراتبا
جازَتْكَ عَن تَعَبِ الفؤادِ ، فلم يكن تعبُ الدماغ يَهُمُّ شهماً ناصبا
أعْطَتْكَها كفٌّ تضمُّ نقائصاً تعيا العقولُ بحلِّها . وغرائبا
مُدَّتْ لرفعِ الأنضلينَ مَكانةً وهوتْ لصفعِ الأعدلينَ مَطالبا !
ومضَتْ تُحرِّرُ ألفَ ألفِ مقالةٍ في كيفَ يحترمونَ جيلاً واثبا
في حين تُرهِقُ بالتعنّتِ شاعراً يَهدي مَواطنَهُ ، وتُزِهق كاتبا
" التَيْمِسيّونَ ! " الَّذين تناهبوا هذي البلاد حبائباً وأقاربا
والمغدِقونَ على " البياضِ " نعيمَهُمْ حَضْنَ الطيورِ الرائماتِ زواغبا
يَستصرخونَ على الشّعُوب لُصوصَها في حينَ يَحتجزونَ لِصّاً ساربا
ويُجَنِّبونَ الكلب وَخزةَ واخزٍ ويجَهِّزُونَ على الجُموعِ معاطِبا
أُلاءِ " هاشمُ " مَنْ أروكَ بساعةٍ يصحو الضميرُ بها ! ضميراً ثائبا
فاحمَدْهُمُ أن قد أقاموا جانباً واذمُمْهُمُ أن قد أمالوا جانبا
وتحرَّسَّنْ أنْ يقتضوكَ ثوابَها ! وتوقَّ هذا " الصيرفيَّ " الحاسبا
لله درُّكَ أيُّ آسٍ مْنقذٍ يُزجي إلى الداءِ الدواءَ كتائبا
سبعونَ عاماً جُلتَ في جَنَباتها تبكي حريباً أو تُسامرُ واصبا
متحدَّياً حُكمَ الطباعَ ! ودافعاً غَضَبَ السَّماءِ وللقضاءِ مُغالِبا!
تتلمَّسُ " النَّبَضاتِ " تجري إثرّها خلَجاتُ وجهِكَ راغباً أو راهبا
ومُشارِفٍ ! نَسَجَ الهَلاكُ ثيابَهُ ألْبْستَهُ ثوبَ الحياةِ مُجاذبا
ومكابدٍ كَرْبَ المماتِ شركتَهُ - إذْ لم تَحِدْ منجىً – عناءاً كارِبا
ومحشَرجِ وقفَ الحِمامُ ببابهِ فدفعتَهُ عنه فزُحزِحَ خائبا
كم رُحْتَ تُطلِعُ من نجومٍ تختفي فينا وكم أعْلَيْتَ نجماً ثاقبا
هذا الشَّبابُ ومِن سَناكَ رفيفُهُ مجدُ البلادِ بهِ يرفُّ ذوائبا
هذا الغِراسُ – وملُْ عينِكَ قرّةٌ أنَّا قطفنا مِن جَناهُ أطايبا
هذا المَعينُ ، وقد أسلتَ نَميرَهُ وجهُ الحياةِ به سيُصبْحُ عاشبا
هذي الاكُفُّ على الصدورِ نوازِلاً مثلُ الغيوثِ على الزُّروغِ سواكبا
أوقفتَ للصَّرعى نهاراً دائبا وسهِرْتَ ليلاً " نابِغيّاً " ناصبا
وحضَنْتَ هاتيكَ الأسِرَّةَ فوقَها أُسْدٌ مُضَرَّجَةٌ تلوبُ لواغِبا
أرَجٌ من الذكرى يلفَّكَ عِطْرُهُ ويَزيدُ جانبكَ المُوطَّد جانبا
ولأنتَ صُنْتَ الدارَ يومَ أباحها باغٍ يُنازلُ في الكريهةِ طالبا
الْغَيُّ يُنْجِدُ بالرَصاصُ مُزَمْجِراً والرّشدَ يَنجِدُ بالحجارةِ حاصبا
وَلأنتَ أثخَنْتَ الفؤادَ من الأسى للمثُخَنينَ مِن الجراحِ تعاقُبا
أعراسُ مملكةٍ تُزَفُّ لمجدِها غُررُ الشَّبابِ إلى التُرابِ كواكبا
الحْاضنينَ جِراحَهَمْ وكأنَّهمْ يتَحَضَّنونَ خرائداً وكواعبا
والصابرينَ الواهبينَ نُفوسَهُمْ والمُخجِلينَ بها الكريمَ الواهبا
غُرَفُ الجنانِ تضوَعَتْ جنَباتُها بصديدِ هاتيكَ الجراح لواهبا
وبحَشْرجاتِ الذاهبينَ مُثيرةً للقادمينَ مواكباً فمواكبا
غادي الحيا تلك القبورَ وإنْ غدت بالنَّاضحاتِ من الدّماءِ عواشبا
وتعهَّد الكَفَنَ الخصيبَ بمثلهِ وطنٌ سيَبْعَثُ كلَّ يومٍ خاضبا
بغدادُ كانَ المجدُ عندَكِ قَيْنَةً تلهو ، وعُوداً يَستحثُّ الضَّاربا
وزِقاقَ خَمْرٍ تستَجِدُّ مَساحبا وهَشيمَ رَيْحانِ يُذَرَّى جانبا
والجسرُ تمنحُهُ العيونُ من المَها في الناسِبينَ وشائجاً ومناسِبا
الحَمدُ للتأريخِ حينَ تحوَّلَتْ تلكَ المَرافِهُ فاستَحَلْنَ مَتاعبا
الشِّعْرُ أصبحَ وهو لُعْبةُ لاعبٍ إنْ لمَ يَسِلْ ضَرَماً وجَمْراً لاهبا
والكأسُ عادتْ كأسَ موتٍ ينتشي زاهي الشبابِ بها ، ويمسحُ شاربا!
والجسرُ يفخرُ أنَّ فوقَ أديمهِ جثثَ الضَّحايا قد تَرَكْنَ مساحبا!
وعلى بريقِ الموتُ رُحْنَ سوافراً بيضٌ كواعبُ ، يندفعنَ عصائبا
حدِّثْ عميدَ الدارِ كيفِ تبدَّلَت بُؤَراً ، قِبابٌ كُنَّ أمسِ مَحارِبا
كيف أستحالَ المجدُ عاراً يتَّقَى والمكرُماتُ من الرّجالِ مَعايبا
ولم استباحَ " الوغدُ " حُرمةَ من سَقى هذي الديارَ دماً زكِيّاً سارِبا
إيهٍ " عميدَ الدار " كلُّ لئيمةٍ لابُدَّ – واجدةٌ لئيماً صاحبا
ولكلِّ " فاحشةِ " المَتاع دَميمةٍ سُوقٌ تُتيحُ لها دَميماً راغبا
ولقد رأى المستعمِرونَ فرائساً منَّا ، وألفَوْا كلبَ صيدٍ سائبا!
فتعهَّدوهُ ، فراحَ طوعَ بَنانِهمْ يَبْرُونَ أنياباً له ومَخالبا
أعَرَفتَ مملكةً يُباحُ " شهيدُها " للخائنينَ الخادمينَ أجانبا
مستأجَرِينَ يُخرِّبونَ دِيارَهُمْ ويُكافئونَ على الخرابِ رواتبا
مُتَنمّرينَ يُنَصّبونَ صُدورهُمْ مِثْلَ السّباعِ ضَراوةً وتَكالُباً
حتى إذا جَدَّتْ وغىً وتضرَّمَتْ نارٌ تلُفُّ أباعِداً وأقارِبا
لَزِموا جُحورَهُمُ وطارَ حليمُهُمْ ذُعْراً ، وبُدِّلَتِ الأسودُ أرانبا
إيهٍ " عميدَ الدار " ! شكوى صاحبٍ طفَحَتْ لواعجُهُ فناجى صاحبا
خُبِّرْتُ أنَّكَ لستَ تبرحُ سائلاً عنّي ، تُناشدُ ذاهباً ، أو آيِبا
وتقولُ كيفَ يَظَلُّ " نجم " ساطعٌ ملءُ العيونِ ، عن المحافل غائبا
الآنَ أُنبيكَ اليقينَ كما جلا وضَحُ " الصَّباح " عن العيون غياهبا
فلقد سَكَتُّ مخاطِباً إذ لم أجِدْ مَن يستحقُ صدى الشكاةِ مُخاطَباً
أُنبيكَ عن شرِّ الطّغامِ مَفاجراً ومَفاخراً ، ومساعياً ومكاسبا
الشَّاربينَ دمَ الشَّبابِ لأنَّهُ لو نالَ من دَمِهِمْ لكانَ الشَّاربا
والحاقدينَ على البلادِ لأنَّها حقَرَتْهم حَقْرَ السَّليبِ السَّالبا
ولأنَّها أبداً تدوسُ أفاعياً منهمْ تَمُجُ سمومَها .. وعقاربا
شَلَّتْ يدُ المستعمرينَ وفرضُها هذي العُلوقَ على الدّماءِ ضرائبا
ألقى إليهمْ وِزْرَهُ فتحمَّلوا أثقالَهُ حَمْلَ " الثيّابِ " مشاجبا
واذابَهُمْ في " المُوبقاتِ " فأصبحوا منها فُجوراً في فجورٍ ذائباً
يتَمَهَّلُ الباغي عواقبَ بَغْيِهِ وتراهُمُ يَستعجلونَ عواقبا
حتى كأنَّ مصايراً محتومةً سُوداً تُنيلُهُمُ مُنىً ورَغائبا
قد قلتُ لِلشَّاكينَ أنَّ " عصابةً " غصَبَتْ حقوقَ الأكثرينَ تَلاعُبا:
ليتَ " المواليَ " يغصبونَ بأمرِهِمْ بل ليتَهم يترَسَّمونَ " الغاصبا "
فيُهادِنون شهامةً ورجولةً ويُحاربونَ " عقائداً " ! ومذاهبا
أُنيبكَ عن شرِّ الطّغام نكايةً بالمؤثرينَ ضميرَهمْ والواجبا
لقَدِ ابتُلُوا بي صاعقاً مُتَلهِّباً وَقَد ابتُلِيتُ بهمْ جَهاماً كاذبا
حشَدوا عليَّ المُغرِياتِ مُسيلةً صغراً لُعابُ الأرذلينَ رغائبا
بالكأسِ يَقْرَعُها نديمٌ مالثاً بالوعدِ منها الحافَتَيْنَ وقاطبا
وبتلكُمُ الخَلَواتِ تُمْسَخُ عندَها تُلْعُ الرِّقابِ من الظّباءِ ثعالبا!!
وبأنْ أروحَ ضحىً وزيراً مثلَما أصبحتُ عن أمْرٍ بليلٍ نائبا
ظنّاً بأنَّ يدي تُمَدُّ لتشتري سقطَ المَّتاع ، وأنْ أبيعَ مواهبا
وبأنْ يروحَ وراءَ ظهريَ موطنٌ أسمنتُ نحراً عندهَ وترائبا
حتى إذا عجَموا قناةً مُرَّةً شوكاءَ ، تُدمي مَن أتاها حاطبا
واستيأسوُا منها ، ومن مُتخشِّبٍ عَنتَاً كصِلِّ الرّملِ يَنْفُخ غاضبا
حُرّس يُحاسِبُ نفسَهُ أنْ تَرْعَوي حتَّى يروحَ لمنْ سواه محاسِبا
ويحوزَ مدحَ الأكثرينَ مَفاخراً ويحوزَ ذمَّ الأكثرينَ مثالبا !!
حتى إذا الجُنْديُّ شدَّ حِزامَهُ ورأى الفضيلةً أنْ يظْلَّ مُحاربا
حَشدوا عليه الجُوعَ يَنْشِبُ نابَهُ في جلدِ " أرقطِ " لا يُبالي ناشبا !
وعلى شُبولِ اللَّيثِ خرقُ نعالِهم! أزكى من المُترهِّلين حقائبا
يتساءلونَ أينزِلونَ بلادَهم ؟ أمْ يقطعونَ فدافِداً وسباسبا؟
إنْ يعصِرِ المتحكِّمونَ دماءَهم أو يغتدوا صُفْرَ الوجوه شواحبا
فالأرضُ تشهدُ أنَّها خُضِبَتْ دماً منّي ، وكان أخو النعيم الخاضبا
ماذا يضرُّ الجوعُ ؟ مجدٌ شامخٌ أنّي أظَلُّ مع الرعيَّة ساغبا
أنّي أظَلُّ مع الرعيَةِ مُرْهَقاً أنّي أظَلُّ مع الرعيَّةِ لاغبا
يتبجَّحُونَ بأنَّ موجاً طاغياً سَدُّوا عليهِ مَنافذاً ومَساربا
كَذِبوا فملءُ فمِ الزّمان قصائدي أبداً تجوبُ مَشارقاً ومغاربا
تستَلُّ من أظفارِهم وتحطُّ من أقدارِهمْ ، وتثلُّ مجداً كاذباً
أنا حتفُهم ألِجُ البيوتَ عليهم ُ أُغري الوليدَ بشتمهمْ والحاجبا
خسئوا : فَلْمْ تَزَلِ الرّجولةُ حُرَّةً تأبى لها غيرَ الأمائِلِ خاطبا
والأمثلونَ همُ السَّوادُ ، فديتُهمْ بالأرذلينَ من الشُراةِ مَناصبا
بمُمَلِّكينَ الأجنبيَّ نفوسَهُمْ ومُصَعِّدينَ على الجُموعِ مَناكبا
أعلِمتَ " هاشمُ " أيُّ وَقْدٍ جاحمٍ هذا الأديمُ تَراهُ نِضواً شاحبا ؟
أنا ذا أمامَكَ ماثلاً متَجبِّراً أطأ الطُغاة بشسعِ نعليَ عازبا
وأمُطُّ من شفتيَّ هُزءاً أنْ أرى عُفْرَ الجباهِ على الحياةِ تكالُبا
أرثي لحالِ مزخرَفينَ حَمائلاً في حينَ هُمْ مُتَكَهِّمونَ مَضاربا
للهِ درُّ أبٍ يراني شاخصاً للهاجراتِ ، لحُرّش وَجْهيَ ناص
بالمُبدعينَ " الخالقينَ " تنوَّرَتْ شتَّى عوالمَ كُنَّ قبلُ خرائبا
شرفاً " عميدَ الدارِ " عليا رُتبةٍ بُوِّئْتَها في الخالدين مراتبا
جازَتْكَ عَن تَعَبِ الفؤادِ ، فلم يكن تعبُ الدماغ يَهُمُّ شهماً ناصبا
أعْطَتْكَها كفٌّ تضمُّ نقائصاً تعيا العقولُ بحلِّها . وغرائبا
مُدَّتْ لرفعِ الأنضلينَ مَكانةً وهوتْ لصفعِ الأعدلينَ مَطالبا !
ومضَتْ تُحرِّرُ ألفَ ألفِ مقالةٍ في كيفَ يحترمونَ جيلاً واثبا
في حين تُرهِقُ بالتعنّتِ شاعراً يَهدي مَواطنَهُ ، وتُزِهق كاتبا
" التَيْمِسيّونَ ! " الَّذين تناهبوا هذي البلاد حبائباً وأقاربا
والمغدِقونَ على " البياضِ " نعيمَهُمْ حَضْنَ الطيورِ الرائماتِ زواغبا
يَستصرخونَ على الشّعُوب لُصوصَها في حينَ يَحتجزونَ لِصّاً ساربا
ويُجَنِّبونَ الكلب وَخزةَ واخزٍ ويجَهِّزُونَ على الجُموعِ معاطِبا
أُلاءِ " هاشمُ " مَنْ أروكَ بساعةٍ يصحو الضميرُ بها ! ضميراً ثائبا
فاحمَدْهُمُ أن قد أقاموا جانباً واذمُمْهُمُ أن قد أمالوا جانبا
وتحرَّسَّنْ أنْ يقتضوكَ ثوابَها ! وتوقَّ هذا " الصيرفيَّ " الحاسبا
لله درُّكَ أيُّ آسٍ مْنقذٍ يُزجي إلى الداءِ الدواءَ كتائبا
سبعونَ عاماً جُلتَ في جَنَباتها تبكي حريباً أو تُسامرُ واصبا
متحدَّياً حُكمَ الطباعَ ! ودافعاً غَضَبَ السَّماءِ وللقضاءِ مُغالِبا!
تتلمَّسُ " النَّبَضاتِ " تجري إثرّها خلَجاتُ وجهِكَ راغباً أو راهبا
ومُشارِفٍ ! نَسَجَ الهَلاكُ ثيابَهُ ألْبْستَهُ ثوبَ الحياةِ مُجاذبا
ومكابدٍ كَرْبَ المماتِ شركتَهُ - إذْ لم تَحِدْ منجىً – عناءاً كارِبا
ومحشَرجِ وقفَ الحِمامُ ببابهِ فدفعتَهُ عنه فزُحزِحَ خائبا
كم رُحْتَ تُطلِعُ من نجومٍ تختفي فينا وكم أعْلَيْتَ نجماً ثاقبا
هذا الشَّبابُ ومِن سَناكَ رفيفُهُ مجدُ البلادِ بهِ يرفُّ ذوائبا
هذا الغِراسُ – وملُْ عينِكَ قرّةٌ أنَّا قطفنا مِن جَناهُ أطايبا
هذا المَعينُ ، وقد أسلتَ نَميرَهُ وجهُ الحياةِ به سيُصبْحُ عاشبا
هذي الاكُفُّ على الصدورِ نوازِلاً مثلُ الغيوثِ على الزُّروغِ سواكبا
أوقفتَ للصَّرعى نهاراً دائبا وسهِرْتَ ليلاً " نابِغيّاً " ناصبا
وحضَنْتَ هاتيكَ الأسِرَّةَ فوقَها أُسْدٌ مُضَرَّجَةٌ تلوبُ لواغِبا
أرَجٌ من الذكرى يلفَّكَ عِطْرُهُ ويَزيدُ جانبكَ المُوطَّد جانبا
ولأنتَ صُنْتَ الدارَ يومَ أباحها باغٍ يُنازلُ في الكريهةِ طالبا
الْغَيُّ يُنْجِدُ بالرَصاصُ مُزَمْجِراً والرّشدَ يَنجِدُ بالحجارةِ حاصبا
وَلأنتَ أثخَنْتَ الفؤادَ من الأسى للمثُخَنينَ مِن الجراحِ تعاقُبا
أعراسُ مملكةٍ تُزَفُّ لمجدِها غُررُ الشَّبابِ إلى التُرابِ كواكبا
الحْاضنينَ جِراحَهَمْ وكأنَّهمْ يتَحَضَّنونَ خرائداً وكواعبا
والصابرينَ الواهبينَ نُفوسَهُمْ والمُخجِلينَ بها الكريمَ الواهبا
غُرَفُ الجنانِ تضوَعَتْ جنَباتُها بصديدِ هاتيكَ الجراح لواهبا
وبحَشْرجاتِ الذاهبينَ مُثيرةً للقادمينَ مواكباً فمواكبا
غادي الحيا تلك القبورَ وإنْ غدت بالنَّاضحاتِ من الدّماءِ عواشبا
وتعهَّد الكَفَنَ الخصيبَ بمثلهِ وطنٌ سيَبْعَثُ كلَّ يومٍ خاضبا
بغدادُ كانَ المجدُ عندَكِ قَيْنَةً تلهو ، وعُوداً يَستحثُّ الضَّاربا
وزِقاقَ خَمْرٍ تستَجِدُّ مَساحبا وهَشيمَ رَيْحانِ يُذَرَّى جانبا
والجسرُ تمنحُهُ العيونُ من المَها في الناسِبينَ وشائجاً ومناسِبا
الحَمدُ للتأريخِ حينَ تحوَّلَتْ تلكَ المَرافِهُ فاستَحَلْنَ مَتاعبا
الشِّعْرُ أصبحَ وهو لُعْبةُ لاعبٍ إنْ لمَ يَسِلْ ضَرَماً وجَمْراً لاهبا
والكأسُ عادتْ كأسَ موتٍ ينتشي زاهي الشبابِ بها ، ويمسحُ شاربا!
والجسرُ يفخرُ أنَّ فوقَ أديمهِ جثثَ الضَّحايا قد تَرَكْنَ مساحبا!
وعلى بريقِ الموتُ رُحْنَ سوافراً بيضٌ كواعبُ ، يندفعنَ عصائبا
حدِّثْ عميدَ الدارِ كيفِ تبدَّلَت بُؤَراً ، قِبابٌ كُنَّ أمسِ مَحارِبا
كيف أستحالَ المجدُ عاراً يتَّقَى والمكرُماتُ من الرّجالِ مَعايبا
ولم استباحَ " الوغدُ " حُرمةَ من سَقى هذي الديارَ دماً زكِيّاً سارِبا
إيهٍ " عميدَ الدار " كلُّ لئيمةٍ لابُدَّ – واجدةٌ لئيماً صاحبا
ولكلِّ " فاحشةِ " المَتاع دَميمةٍ سُوقٌ تُتيحُ لها دَميماً راغبا
ولقد رأى المستعمِرونَ فرائساً منَّا ، وألفَوْا كلبَ صيدٍ سائبا!
فتعهَّدوهُ ، فراحَ طوعَ بَنانِهمْ يَبْرُونَ أنياباً له ومَخالبا
أعَرَفتَ مملكةً يُباحُ " شهيدُها " للخائنينَ الخادمينَ أجانبا
مستأجَرِينَ يُخرِّبونَ دِيارَهُمْ ويُكافئونَ على الخرابِ رواتبا
مُتَنمّرينَ يُنَصّبونَ صُدورهُمْ مِثْلَ السّباعِ ضَراوةً وتَكالُباً
حتى إذا جَدَّتْ وغىً وتضرَّمَتْ نارٌ تلُفُّ أباعِداً وأقارِبا
لَزِموا جُحورَهُمُ وطارَ حليمُهُمْ ذُعْراً ، وبُدِّلَتِ الأسودُ أرانبا
إيهٍ " عميدَ الدار " ! شكوى صاحبٍ طفَحَتْ لواعجُهُ فناجى صاحبا
خُبِّرْتُ أنَّكَ لستَ تبرحُ سائلاً عنّي ، تُناشدُ ذاهباً ، أو آيِبا
وتقولُ كيفَ يَظَلُّ " نجم " ساطعٌ ملءُ العيونِ ، عن المحافل غائبا
الآنَ أُنبيكَ اليقينَ كما جلا وضَحُ " الصَّباح " عن العيون غياهبا
فلقد سَكَتُّ مخاطِباً إذ لم أجِدْ مَن يستحقُ صدى الشكاةِ مُخاطَباً
أُنبيكَ عن شرِّ الطّغامِ مَفاجراً ومَفاخراً ، ومساعياً ومكاسبا
الشَّاربينَ دمَ الشَّبابِ لأنَّهُ لو نالَ من دَمِهِمْ لكانَ الشَّاربا
والحاقدينَ على البلادِ لأنَّها حقَرَتْهم حَقْرَ السَّليبِ السَّالبا
ولأنَّها أبداً تدوسُ أفاعياً منهمْ تَمُجُ سمومَها .. وعقاربا
شَلَّتْ يدُ المستعمرينَ وفرضُها هذي العُلوقَ على الدّماءِ ضرائبا
ألقى إليهمْ وِزْرَهُ فتحمَّلوا أثقالَهُ حَمْلَ " الثيّابِ " مشاجبا
واذابَهُمْ في " المُوبقاتِ " فأصبحوا منها فُجوراً في فجورٍ ذائباً
يتَمَهَّلُ الباغي عواقبَ بَغْيِهِ وتراهُمُ يَستعجلونَ عواقبا
حتى كأنَّ مصايراً محتومةً سُوداً تُنيلُهُمُ مُنىً ورَغائبا
قد قلتُ لِلشَّاكينَ أنَّ " عصابةً " غصَبَتْ حقوقَ الأكثرينَ تَلاعُبا:
ليتَ " المواليَ " يغصبونَ بأمرِهِمْ بل ليتَهم يترَسَّمونَ " الغاصبا "
فيُهادِنون شهامةً ورجولةً ويُحاربونَ " عقائداً " ! ومذاهبا
أُنيبكَ عن شرِّ الطّغام نكايةً بالمؤثرينَ ضميرَهمْ والواجبا
لقَدِ ابتُلُوا بي صاعقاً مُتَلهِّباً وَقَد ابتُلِيتُ بهمْ جَهاماً كاذبا
حشَدوا عليَّ المُغرِياتِ مُسيلةً صغراً لُعابُ الأرذلينَ رغائبا
بالكأسِ يَقْرَعُها نديمٌ مالثاً بالوعدِ منها الحافَتَيْنَ وقاطبا
وبتلكُمُ الخَلَواتِ تُمْسَخُ عندَها تُلْعُ الرِّقابِ من الظّباءِ ثعالبا!!
وبأنْ أروحَ ضحىً وزيراً مثلَما أصبحتُ عن أمْرٍ بليلٍ نائبا
ظنّاً بأنَّ يدي تُمَدُّ لتشتري سقطَ المَّتاع ، وأنْ أبيعَ مواهبا
وبأنْ يروحَ وراءَ ظهريَ موطنٌ أسمنتُ نحراً عندهَ وترائبا
حتى إذا عجَموا قناةً مُرَّةً شوكاءَ ، تُدمي مَن أتاها حاطبا
واستيأسوُا منها ، ومن مُتخشِّبٍ عَنتَاً كصِلِّ الرّملِ يَنْفُخ غاضبا
حُرّس يُحاسِبُ نفسَهُ أنْ تَرْعَوي حتَّى يروحَ لمنْ سواه محاسِبا
ويحوزَ مدحَ الأكثرينَ مَفاخراً ويحوزَ ذمَّ الأكثرينَ مثالبا !!
حتى إذا الجُنْديُّ شدَّ حِزامَهُ ورأى الفضيلةً أنْ يظْلَّ مُحاربا
حَشدوا عليه الجُوعَ يَنْشِبُ نابَهُ في جلدِ " أرقطِ " لا يُبالي ناشبا !
وعلى شُبولِ اللَّيثِ خرقُ نعالِهم! أزكى من المُترهِّلين حقائبا
يتساءلونَ أينزِلونَ بلادَهم ؟ أمْ يقطعونَ فدافِداً وسباسبا؟
إنْ يعصِرِ المتحكِّمونَ دماءَهم أو يغتدوا صُفْرَ الوجوه شواحبا
فالأرضُ تشهدُ أنَّها خُضِبَتْ دماً منّي ، وكان أخو النعيم الخاضبا
ماذا يضرُّ الجوعُ ؟ مجدٌ شامخٌ أنّي أظَلُّ مع الرعيَّة ساغبا
أنّي أظَلُّ مع الرعيَةِ مُرْهَقاً أنّي أظَلُّ مع الرعيَّةِ لاغبا
يتبجَّحُونَ بأنَّ موجاً طاغياً سَدُّوا عليهِ مَنافذاً ومَساربا
كَذِبوا فملءُ فمِ الزّمان قصائدي أبداً تجوبُ مَشارقاً ومغاربا
تستَلُّ من أظفارِهم وتحطُّ من أقدارِهمْ ، وتثلُّ مجداً كاذباً
أنا حتفُهم ألِجُ البيوتَ عليهم ُ أُغري الوليدَ بشتمهمْ والحاجبا
خسئوا : فَلْمْ تَزَلِ الرّجولةُ حُرَّةً تأبى لها غيرَ الأمائِلِ خاطبا
والأمثلونَ همُ السَّوادُ ، فديتُهمْ بالأرذلينَ من الشُراةِ مَناصبا
بمُمَلِّكينَ الأجنبيَّ نفوسَهُمْ ومُصَعِّدينَ على الجُموعِ مَناكبا
أعلِمتَ " هاشمُ " أيُّ وَقْدٍ جاحمٍ هذا الأديمُ تَراهُ نِضواً شاحبا ؟
أنا ذا أمامَكَ ماثلاً متَجبِّراً أطأ الطُغاة بشسعِ نعليَ عازبا
وأمُطُّ من شفتيَّ هُزءاً أنْ أرى عُفْرَ الجباهِ على الحياةِ تكالُبا
أرثي لحالِ مزخرَفينَ حَمائلاً في حينَ هُمْ مُتَكَهِّمونَ مَضاربا
للهِ درُّ أبٍ يراني شاخصاً للهاجراتِ ، لحُرّش وَجْهيَ ناص
طـــــرطـــــرا-محمد مهدي الجواهري
أيْ طرطرا تطرطري تقدَّمي تأخَّري
تَشيَّعي تسنَّني تَهوَّدي تَنصَّري
تكرَّدي تَعرَّبي تهاتري بالعُنصرِ
تَعمَّمي تَبَرنطي تعقَّلي تسدَّري
كوني – اذا رُمتِ العُلى - من قُبُلٍ او دُبُرِ
صالحةً كصالحٍ عامرةً كالعُمري
وأنتِ إنْ لم تَجِدي أباً حميدَ الأثَر
ومفَخَراً من الجُدودِ طيَّب المُنحدرَ
ولم تَرَي في النَفْس ما يُغنيكِ ان تفتخري
شأنُ عِصامٍ قد كفَتْه النفسُ شَرَّ مفْخَر
فالتَمِسي أباً سِواهُ أشِراً ذا بَطَر
طُوفي على الأعرابِ من بادٍ ومن محتَضِر
والتَمِسي منهم جدوداً جُدُداً وزَوِّري
تزَّيِدي تزبَّدي تعنَّزي تَشمَّري
في زَمَنِ الذَرِّ إلى بَداوةٍ تَقَهْقَري
تَقَلَّبي تَقَلُّبَ الدهرِ بشتّى الغِيَر
تصرَّفي كما تشائينَ ولا تعتَذري
لمن؟!! أللناسِ ؟!! وهم حُثالةٌ في سَقَر
عبيدُ أُجدادِك من رِقًّ ومن مُستَأجَر
أمْ للقوانين وما جاءَتْ بغَير الهَذَر
تأمرُ بالمعروف والمنكَر فوقَ المِنبَر
شيء أبى المعروفِ في شَويِّ امُّ المنكر
أمْ للضميرِ والضميرُ صُنْعُ هذا البَشَر؟!
تَعِلَّةٌ لصائمٍ فَطيرةٌ لمُفطِرِ
لمن؟!! اللتأريخ ؟!!وهو وفي يَدِ المُحَبِّر
مُسخَّرٌ طَوْعَ بنانِ الحاكم المُستَحِر
بدَرْهَمٍ تُقَلِّبُ الحالَ يَدُ المُحرِّر
قد تَقرأُ الاجيالَ في دُفَةِ هذا المحضَر
عن مِثْلِ هذا العَصْر أن قد كان زينَ الاعصُر
وأنَّه من ذَهَبٍ وأنّه من جَوهر
أم للمقاييس اقتضاهنَّ اختلافُ النَظَر؟
إنَّ أخَا طَرْطَرَ من كلِّ المقاييس بَري
أي طرطرا إن كانَ شَعبٌ جاع او خُلقٌ عَري
او أجْمَعَ الستُ الملايينُ على التذمُّر
او حَكمَ النساءُ حُكم الغاصبِ المقتَدِر
او صاحَ نَهباً بالبلاد بائعٌ ومشتري
او نُفِّذَ المرسومُ في محابِرٍ وأسطر
او أُخِذَ البريءُ بالمجرِم اخذَ طرطري
او دُفِع العراقُ للذلِّ أو التدهورِ
فاحتكمي تحكَّمي وتُحمَدي وتؤجَري
أي طرطرا تطرطري وهلِّلي وكَبّري
وطَبِّلي لكلِّ ما يُخزي الفَتَى وزمِّري
وسَبِّحي بحمدِ مأمونٍ وشكرِ أبتَر
اعطي سماتِ فارعٍ شَمَردَلِ لبُحتر
واغتَصِبي لضِفدِعٍ سماتِ ليثٍ قَسْور
وعَطرِّي قاذورةً وبالمديح بَخرِّي
وصيرِّي من جُعَلٍ حديقةً من زَهَر
وشَبِّهى الظلامَ ظُلماً بالصبَاح المُسفِر
وألبسي الغبيَّ والاحمقَ ثَوبَ عبقري
وأُفرِغي على المخانيثِ دُروع عنتر
إن قيلَ إنَّ مَجدَهمُ مزيَّفٌ فأنكِري
او قيلَ إن بطشَهم من بَطْشة المستِعمر
وانَّ هذا المستعيرَ صولةَ الغَضَنفرَ
اهونُ من ذبابةٍ في مستحَمٍّ قَذِر
فهي تطير حُرّةً جَناحُها لم يُعَر
وذاكَ لو لم يستعِرْ جناحَه لم يطر
فغالِطي وكابري وحَوِّري وزوِّري
أي طرطرا سِيري على نَهجِهِمُ والاثَر
واستَقْبلي يومَك من يومهمُ واستدبِري
وأجمِعي أمرَكِ من أمِرهِمُ تَستَكِثري
كُوني بُغاثاً وأسلَمي بالنفسِ ثم استَنْسِري
انْ طوَّلوُا فطَوِّلي او قصَّروا فقَصِّري
او أجَرمُوا فاعتذري او أنذروا فبشِّري
او خَبَطوا عشوا فقُولي أيُّ نجمٍ نَيِّرِ
او ظَلَموا فابرزي الظُلمْ بأبهَى الصُوَر
شَلَّتْ يَدُ المظلوم لم يَجْن ولم يُعَزِّر
او صَنَعوا ما لم يبرَّرْ منطقٌ فبرِّرِي
أي طرطرا لا تنكري ذَنْباً ولا تَسْتَغفِري
ولا تُغطِّى سوءةً بانت ولا تَتَّزِري
ولا تغُضيِّ الطرفَ عن فَرط الحيا والخَفرَ
كُوني على شاكلةِ من امرهم تُؤَمَّري
كُوني على شاكلةِ الوزيرِ بادي الخَطَر
أيْ طرطرا كُوني على تاريخِك المحتُقَر
احَرصَ من صاحبة النِحيْين ان تذكَّري
طّولي على كِسرى ولا تُعَني بتاج قَيصر
كوني على ما فيك من مساوئٍ ، لم تُحصَرِ
كوني على الاضداد في ِ تكوينك المُبعثرِ
شامخةً شموخَ قَرن الثورَ بين البَقرِ
أيْ طرطرا أُقسم بالسويكةِ المشهَّر
والخَرزِ المعَقود في البطن فوَيق المشعر
بوجهكِ المعتكر وثَغِرك المنوَّرِ
وعينِك الحمراءِ ترمِي حاسداً بالشَررَ
وصنوك الثور يُثار غيظٌه بالأحمر
اقسم بالكافور لا اقصِدُ شَتم العَنْبر
فوقَ جميع البشَرَ فوق القضَا والقَدرَ
أي طْرطرا " يالَك مِن قُبرَّة بمَعَمر
خلا لكِ الجوُّ " وقد طاب " فبيضي واصفِري "
" ونقِّري " من بَعدِهم ما شئت ان تُنَقِّري "
قد غَفَل الصيّادُ في لندنَ عنك فابشِري
تَشيَّعي تسنَّني تَهوَّدي تَنصَّري
تكرَّدي تَعرَّبي تهاتري بالعُنصرِ
تَعمَّمي تَبَرنطي تعقَّلي تسدَّري
كوني – اذا رُمتِ العُلى - من قُبُلٍ او دُبُرِ
صالحةً كصالحٍ عامرةً كالعُمري
وأنتِ إنْ لم تَجِدي أباً حميدَ الأثَر
ومفَخَراً من الجُدودِ طيَّب المُنحدرَ
ولم تَرَي في النَفْس ما يُغنيكِ ان تفتخري
شأنُ عِصامٍ قد كفَتْه النفسُ شَرَّ مفْخَر
فالتَمِسي أباً سِواهُ أشِراً ذا بَطَر
طُوفي على الأعرابِ من بادٍ ومن محتَضِر
والتَمِسي منهم جدوداً جُدُداً وزَوِّري
تزَّيِدي تزبَّدي تعنَّزي تَشمَّري
في زَمَنِ الذَرِّ إلى بَداوةٍ تَقَهْقَري
تَقَلَّبي تَقَلُّبَ الدهرِ بشتّى الغِيَر
تصرَّفي كما تشائينَ ولا تعتَذري
لمن؟!! أللناسِ ؟!! وهم حُثالةٌ في سَقَر
عبيدُ أُجدادِك من رِقًّ ومن مُستَأجَر
أمْ للقوانين وما جاءَتْ بغَير الهَذَر
تأمرُ بالمعروف والمنكَر فوقَ المِنبَر
شيء أبى المعروفِ في شَويِّ امُّ المنكر
أمْ للضميرِ والضميرُ صُنْعُ هذا البَشَر؟!
تَعِلَّةٌ لصائمٍ فَطيرةٌ لمُفطِرِ
لمن؟!! اللتأريخ ؟!!وهو وفي يَدِ المُحَبِّر
مُسخَّرٌ طَوْعَ بنانِ الحاكم المُستَحِر
بدَرْهَمٍ تُقَلِّبُ الحالَ يَدُ المُحرِّر
قد تَقرأُ الاجيالَ في دُفَةِ هذا المحضَر
عن مِثْلِ هذا العَصْر أن قد كان زينَ الاعصُر
وأنَّه من ذَهَبٍ وأنّه من جَوهر
أم للمقاييس اقتضاهنَّ اختلافُ النَظَر؟
إنَّ أخَا طَرْطَرَ من كلِّ المقاييس بَري
أي طرطرا إن كانَ شَعبٌ جاع او خُلقٌ عَري
او أجْمَعَ الستُ الملايينُ على التذمُّر
او حَكمَ النساءُ حُكم الغاصبِ المقتَدِر
او صاحَ نَهباً بالبلاد بائعٌ ومشتري
او نُفِّذَ المرسومُ في محابِرٍ وأسطر
او أُخِذَ البريءُ بالمجرِم اخذَ طرطري
او دُفِع العراقُ للذلِّ أو التدهورِ
فاحتكمي تحكَّمي وتُحمَدي وتؤجَري
أي طرطرا تطرطري وهلِّلي وكَبّري
وطَبِّلي لكلِّ ما يُخزي الفَتَى وزمِّري
وسَبِّحي بحمدِ مأمونٍ وشكرِ أبتَر
اعطي سماتِ فارعٍ شَمَردَلِ لبُحتر
واغتَصِبي لضِفدِعٍ سماتِ ليثٍ قَسْور
وعَطرِّي قاذورةً وبالمديح بَخرِّي
وصيرِّي من جُعَلٍ حديقةً من زَهَر
وشَبِّهى الظلامَ ظُلماً بالصبَاح المُسفِر
وألبسي الغبيَّ والاحمقَ ثَوبَ عبقري
وأُفرِغي على المخانيثِ دُروع عنتر
إن قيلَ إنَّ مَجدَهمُ مزيَّفٌ فأنكِري
او قيلَ إن بطشَهم من بَطْشة المستِعمر
وانَّ هذا المستعيرَ صولةَ الغَضَنفرَ
اهونُ من ذبابةٍ في مستحَمٍّ قَذِر
فهي تطير حُرّةً جَناحُها لم يُعَر
وذاكَ لو لم يستعِرْ جناحَه لم يطر
فغالِطي وكابري وحَوِّري وزوِّري
أي طرطرا سِيري على نَهجِهِمُ والاثَر
واستَقْبلي يومَك من يومهمُ واستدبِري
وأجمِعي أمرَكِ من أمِرهِمُ تَستَكِثري
كُوني بُغاثاً وأسلَمي بالنفسِ ثم استَنْسِري
انْ طوَّلوُا فطَوِّلي او قصَّروا فقَصِّري
او أجَرمُوا فاعتذري او أنذروا فبشِّري
او خَبَطوا عشوا فقُولي أيُّ نجمٍ نَيِّرِ
او ظَلَموا فابرزي الظُلمْ بأبهَى الصُوَر
شَلَّتْ يَدُ المظلوم لم يَجْن ولم يُعَزِّر
او صَنَعوا ما لم يبرَّرْ منطقٌ فبرِّرِي
أي طرطرا لا تنكري ذَنْباً ولا تَسْتَغفِري
ولا تُغطِّى سوءةً بانت ولا تَتَّزِري
ولا تغُضيِّ الطرفَ عن فَرط الحيا والخَفرَ
كُوني على شاكلةِ من امرهم تُؤَمَّري
كُوني على شاكلةِ الوزيرِ بادي الخَطَر
أيْ طرطرا كُوني على تاريخِك المحتُقَر
احَرصَ من صاحبة النِحيْين ان تذكَّري
طّولي على كِسرى ولا تُعَني بتاج قَيصر
كوني على ما فيك من مساوئٍ ، لم تُحصَرِ
كوني على الاضداد في ِ تكوينك المُبعثرِ
شامخةً شموخَ قَرن الثورَ بين البَقرِ
أيْ طرطرا أُقسم بالسويكةِ المشهَّر
والخَرزِ المعَقود في البطن فوَيق المشعر
بوجهكِ المعتكر وثَغِرك المنوَّرِ
وعينِك الحمراءِ ترمِي حاسداً بالشَررَ
وصنوك الثور يُثار غيظٌه بالأحمر
اقسم بالكافور لا اقصِدُ شَتم العَنْبر
فوقَ جميع البشَرَ فوق القضَا والقَدرَ
أي طْرطرا " يالَك مِن قُبرَّة بمَعَمر
خلا لكِ الجوُّ " وقد طاب " فبيضي واصفِري "
" ونقِّري " من بَعدِهم ما شئت ان تُنَقِّري "
قد غَفَل الصيّادُ في لندنَ عنك فابشِري
اطبـــق دجــــى-محمد مهدي الجواهري
أطْبِقْ دُجى ، أطْبِقْ ضَبابُ أطْبقْ جَهاماً يا سَحابُ
أطبق دخانُ من الضمير مُحَرَّقاً أطبق ، عَذاب
أطبق دَمارُ على حُماةِ دمارِهم ، أطبق تَباب
أطبق جَزاءُ على بُناةِ قُبورِهم أطبق عِقاب
أطبق نعيبُ ، يُجِبْ صداكَ البُومُ ، أطبق يا خَراب
أطبق على مُتَبلِّدينَ شكا خُمولَهمُ الذُّباب
لم يَعرِفوا لونَ السماءِ لِفَرْطِ ما انحنَت الرقاب
ولفرطِ ما دِيسَتْ رؤوسهمُ كما دِيسَ التراب
أطبق على المِعزى يُرادُ بها على الجوعِ احتِلاب
أطبق على هذي المُسوخ تَعافُ عيشتَها الكلاب
في كلّ جارحةٍ يلوحُ لجارحٍ ظُفرٌ وناب
يجري الصدِيدُ مِن الهوانِ كأنه مِسكٌ مُلاب
أطبق على الدِيدانِ ملَّتها فَيافيكَ الرِّحاب
أطبق على هذي الوجوه كأنها صُوَرٌ كِذاب
المُخرَساتُ بها الغُضونُ فلا سؤالَ ولا جواب
بُلهاً تدورُ بها العيونُ كأنَّ صحصَحَها سَراب
ملَّ الفؤادُ من الضمير وضجَّ بالرُّوح الإِهاب
أطبقْ على مُتفرقّينَ يَزيدُ فُرْقَتَهم مُصاب
يتبجَّحونَ بأنّ إخوتَهم يحُلُّ بهم عَذاب
ندِموا بأنْ طلبوا أقلَّ حقوقهم يوماً فتابوا
وتأوَّبوا للذلِّ يأكل رُوحَهم نِعْمَ المآب!
أطبق على هذي الكرُوشِ يَمُطُّها شَحْمٌ مُذاب
مِن حولِها بقرٌ يَخورُ وحولَه غَرثى سِغاب
أطبق إلى أنْ ينتهي للخاطبينَ بكَ احتِطاب
أطبق على مُتنَفِّجينَ كما تَنفَّجت العِياب
مستنوقِينَ ويزأرونَ كأنهم أُسْدٌ غِلاب
يَزهوهمُ عَسَلٌ ويُلهيهم عن العلياءِ صاب
يَمشي مِن الأمجاد خَلْفَهُمُ بميسَرةٍ رِكاب
فاذا التقت حَلَقُ البِطانِ وجدَّتِ النُوبُ الصِّعاب
خفَقَت ظِلالُهم وماعوا مِن نُعومَتِهم فذابوا
ونَجَوا بأنفُسِهمْ وراحت طُعمَةَ النارِ الصحاب
أطبق دُجى ، لا يَنْبَلِجْ صُبْحٌ ولا يَخْفِقْ شِهاب
أطبق فتحتَ سماكَ خَلقٌ في بصائرهِ مُصاب
لا ينفتحْ – خوفاً عليه - ! مِن العمى للنور باب
أطبق إلى يومِ النشور ويومَ يكتملُ النصاب
أطبق دُجى حتَّى يقئَ خُمولَ أهلِ الغاب غاب
أطيق دُجى : حتى يَمَلَّ من السوادِ بهِ الغُراب
أطيق دُجى : حتى يُحَلِّقَ في سماواتٍ عُقاب
غضبانَ أنْ لم تحمِ أعشاشاً لها طير غِضاب
أطبق دُجى : يَسْرَحْ بظلّك ناعماً عار وعاب
من لونك الداجي رِياءٌ وارتياعٌ وارتياب
يا عِصمةَ الجاني ويا سرحاً تلوذُ به الذئاب
يا مَن مشتْ بدمائها فيه الخناجرُ والحِراب
يا مَن يضِجُّ من الشرورِ الماخراتِ به العُباب
يا مَن تَضيقُ من الهوام الزاحفاتِ به الشعاب
كُن سِتْرَ مُجرمِةٍ تهاوَتْ عن جريمتِها الثباب
أطبق : فأين تفِرُّ إنْ تُسفرْ وينحدرِ النِقاب؟!
هذي الغَباوات الكريمةُ ! والجمودُ المُستطاب !
هذا النفاقُ تَرُبهُ صُحُفٌ ويُسْمِنُه كِتاب!
أطبق دُجى ، حتى تجولَ كأنها خيلٌ عراب
هذي المعرَّات الهِجانُ لها لظُلمتِك انتساب
أطبق : فأنتَ لهذه السوءاتِ - عاريةً – حجاب
أطبق : فأنت لهذه الأنيابِ - مُشحذةً – قراب
أطبق : فأنت لهذه الآثامِ شامخةً - شباب
أطبق : فأنت لصِبغةٍ منها إذا نصَلَتْ خِضاب
كُنْ سِتْرَها لا يَنبلِجْ صُبحٌ ولا يَخْفِقْ شهاب
أطبق دُجى : أطبق ضَباب أطبق جَهاماً يا سحاب ُ
أطبق دخانُ من الضمير مُحَرَّقاً أطبق ، عَذاب
أطبق دَمارُ على حُماةِ دمارِهم ، أطبق تَباب
أطبق جَزاءُ على بُناةِ قُبورِهم أطبق عِقاب
أطبق نعيبُ ، يُجِبْ صداكَ البُومُ ، أطبق يا خَراب
أطبق على مُتَبلِّدينَ شكا خُمولَهمُ الذُّباب
لم يَعرِفوا لونَ السماءِ لِفَرْطِ ما انحنَت الرقاب
ولفرطِ ما دِيسَتْ رؤوسهمُ كما دِيسَ التراب
أطبق على المِعزى يُرادُ بها على الجوعِ احتِلاب
أطبق على هذي المُسوخ تَعافُ عيشتَها الكلاب
في كلّ جارحةٍ يلوحُ لجارحٍ ظُفرٌ وناب
يجري الصدِيدُ مِن الهوانِ كأنه مِسكٌ مُلاب
أطبق على الدِيدانِ ملَّتها فَيافيكَ الرِّحاب
أطبق على هذي الوجوه كأنها صُوَرٌ كِذاب
المُخرَساتُ بها الغُضونُ فلا سؤالَ ولا جواب
بُلهاً تدورُ بها العيونُ كأنَّ صحصَحَها سَراب
ملَّ الفؤادُ من الضمير وضجَّ بالرُّوح الإِهاب
أطبقْ على مُتفرقّينَ يَزيدُ فُرْقَتَهم مُصاب
يتبجَّحونَ بأنّ إخوتَهم يحُلُّ بهم عَذاب
ندِموا بأنْ طلبوا أقلَّ حقوقهم يوماً فتابوا
وتأوَّبوا للذلِّ يأكل رُوحَهم نِعْمَ المآب!
أطبق على هذي الكرُوشِ يَمُطُّها شَحْمٌ مُذاب
مِن حولِها بقرٌ يَخورُ وحولَه غَرثى سِغاب
أطبق إلى أنْ ينتهي للخاطبينَ بكَ احتِطاب
أطبق على مُتنَفِّجينَ كما تَنفَّجت العِياب
مستنوقِينَ ويزأرونَ كأنهم أُسْدٌ غِلاب
يَزهوهمُ عَسَلٌ ويُلهيهم عن العلياءِ صاب
يَمشي مِن الأمجاد خَلْفَهُمُ بميسَرةٍ رِكاب
فاذا التقت حَلَقُ البِطانِ وجدَّتِ النُوبُ الصِّعاب
خفَقَت ظِلالُهم وماعوا مِن نُعومَتِهم فذابوا
ونَجَوا بأنفُسِهمْ وراحت طُعمَةَ النارِ الصحاب
أطبق دُجى ، لا يَنْبَلِجْ صُبْحٌ ولا يَخْفِقْ شِهاب
أطبق فتحتَ سماكَ خَلقٌ في بصائرهِ مُصاب
لا ينفتحْ – خوفاً عليه - ! مِن العمى للنور باب
أطبق إلى يومِ النشور ويومَ يكتملُ النصاب
أطبق دُجى حتَّى يقئَ خُمولَ أهلِ الغاب غاب
أطيق دُجى : حتى يَمَلَّ من السوادِ بهِ الغُراب
أطيق دُجى : حتى يُحَلِّقَ في سماواتٍ عُقاب
غضبانَ أنْ لم تحمِ أعشاشاً لها طير غِضاب
أطبق دُجى : يَسْرَحْ بظلّك ناعماً عار وعاب
من لونك الداجي رِياءٌ وارتياعٌ وارتياب
يا عِصمةَ الجاني ويا سرحاً تلوذُ به الذئاب
يا مَن مشتْ بدمائها فيه الخناجرُ والحِراب
يا مَن يضِجُّ من الشرورِ الماخراتِ به العُباب
يا مَن تَضيقُ من الهوام الزاحفاتِ به الشعاب
كُن سِتْرَ مُجرمِةٍ تهاوَتْ عن جريمتِها الثباب
أطبق : فأين تفِرُّ إنْ تُسفرْ وينحدرِ النِقاب؟!
هذي الغَباوات الكريمةُ ! والجمودُ المُستطاب !
هذا النفاقُ تَرُبهُ صُحُفٌ ويُسْمِنُه كِتاب!
أطبق دُجى ، حتى تجولَ كأنها خيلٌ عراب
هذي المعرَّات الهِجانُ لها لظُلمتِك انتساب
أطبق : فأنتَ لهذه السوءاتِ - عاريةً – حجاب
أطبق : فأنت لهذه الأنيابِ - مُشحذةً – قراب
أطبق : فأنت لهذه الآثامِ شامخةً - شباب
أطبق : فأنت لصِبغةٍ منها إذا نصَلَتْ خِضاب
كُنْ سِتْرَها لا يَنبلِجْ صُبحٌ ولا يَخْفِقْ شهاب
أطبق دُجى : أطبق ضَباب أطبق جَهاماً يا سحاب ُ
المقصــــــــــورة-محمد مهدي الجواهري
برغمِ الإِباءِ ورغمِ العُلى ورغمِ أُنوفِ كِرامِ المَلا
ورغم القلوبِ التي تستفيضُ عُطفاً تَحوطُكَ حَوْطَ الحِمى
وإذ أنتَ ترعاكَ عينُ الزمانِ ويَهْفُو لجِرْسِكَ سَمْعُ الدُّنى
وتلتفُّ حولَكَ شتَّى النُّفوسِ تَجيشُ بشتَّى ضروبِ الأسى
وتُعرِبُ عنها بما لا تُبين كأنَّك من كلِّ نفسٍ حشا
فأنتَ مع الصبحِ شَدْوُ الرعاةِ وحلمُ العذارى إذا الليلُ جا
وأنت إذا الخطبُ ألقى الْجِران وحطَّ بكلكلهِ فارتمى
ألحْتَ بشِعرِكَ للبائسين ، بداجي الخُطوبِ ، بَريقَ المُنى
توحُ على مثلِ شَوك القَتادِ وتغدو على مثل جَمْرِ الغضا
وتطوي الضُّلوعَ على نافذٍ من الصَّبرِ يُدمي كحزِّ المُدى
دريئةَ كلِّ جذيم اليدينِ رمى عن يَدَيْ غيرهِ إذ رَمى
رمى عن يدَيْ حاقدٍ نافسٍ عليك احتشادَ العلى والندى
وحلِساً لدارِكَ والمُقْرفون يجولونَ كلَّ مجالٍ بدا
على حينَ راحَ هجينُ الطباعِ تَنطَّفُ أطرافُه بالخَنا
أدَرَّ عليه ثُدِيَّ الخُمولِ وهزَّتْهُ في المهدِ كفُّ الغَبا
يجرُّ ذيولَ الخنا والغِنى وتهفو عليه ظِلالُ المُنى
وحولَكَ مثلُ فِراخِ الحَمامِ لولا الشعورُ – وزُغْبِ القَطا
تدورُ عيونُهمُ والذَّكاءُ يَلمَعُ فيها كحدِّ الظُبا
إلى كلِّ شَوْهاءَ مرذولةٍ وأشوَهَ مستأثِرٍ بالغِنى
وتَرْجِعُ والعتبُ في مُوقِها تَساءلُ : أيُّكما المُبتلى ؟
بـ " علقمةَ الفحلِ " أُزجي اليمينَ أنَّي ألَذُّ بمُرِّ الجنى
وبـ " الشَّنْفَرى " أنَّ عينَّي لا تَلَذّانِ في النومِ طعمَ الكرى
وبـ " المتنبئِ " أنَّ البَلاءَ ، إذا جدَّ ، يَعلم " أني الفتى "
ألا مِن كريمٍ يَسُرُّ الكرامَ بجيفةِ جلْفٍ زَنيمٍ عَتا
فيا طالما كانَ حدُّ البَغِيِّ يُخفِّفُ مِن فحشِ أهل البِغا
ويا طالما ثُنِيَ السادِرونَ بما اقتِيدَ من سادرٍ ما ارعوى
على أنَّه مِن شِفاءِ الصُدورِ لو أنَّ حُرّاً كريماً شفى
تأصَّلَ هذي العروقَ الخِباثَ فقد ضاقَ بالجِذْمِ منها الثرى
فما هي أوّلُ مجذومةٍ مخافةَ عدوى بها تُنتفى
ولا هي أوّلُ " أغلوطةٍ " محا شاطبٌ رسمَها فامَّحى
وما بالنفوسِ اللواتي ملكنَ بأطماحهنَّ عَنانَ السّما
عناءٌ إلى مَن يُقيتُ البُطونَ ولكنْ إلى من يُميطُ الأذى
إلى من يكُفُّ صغارَ النفوسِ ، صغارَ الحلومِ ، صغارَ الهوى
يَكُفُّهمُ أنْ يكون الكريم به عن هوانهمُ : يُشتفى
أُنّبِيكَ عن أطيبِ الأخبثينَ فقُلْ أنتَ بالأخبثِ المُزدرى
زِقاقٌ من الرّيحِ منفوخةٌ وإنْ ثَقَّلَ الزهوُ منها الخطى
وأشباحُ ناسٍ ، وإنْ أُوهِمُوا بأنّهمُ .. " قادةٌ " في الورى
ألمْ ترَ أنِّيَ حربُ الطغاةِ سلمٌ لكلِّ ضعيفٍ الذَّما
وأني تركتُ دهينَ السِّبالِ كثيرَ الصيالِ ، شديدَ القوى
من الخوفِ كالعَيْرِ قبلَ الكواءِ يَحبقُ مما اصطلى واكتوى ؟!
بماذا يخوِّفني الأرْذَلُونَ وممَّ تخافُ صِلالُ الفلا؟!
أيُسْلبُ عنها نعيمُ الهجيرِ ونفحُ الرمالِ ، وبذْخُ العرا!!
بلى ! إنّ عنديَ خوفَ الشُّجاعِ وطيشَ الحليمِ وموتَ الرَّدى
إذا شئتُ أنضجتُ الشِّواء جلوداً تعَّصْت فما تُشتوى
وأبقيتُ من مِيسَمي في الجِباهِ وشْماً كَوشْمِ بناتِ الهوى
فوارقُ لا يَمَّحي عارُها ولا يَلتَبسْنَ بوصفٍ " سوى !"
بحيثُ يقالُ إذا ما مشى الصّليُّ بها : إنّ وغداً بدا
وحيثُ يُعيَّرُ أبناؤهُ بأنّ لهُمْ والداً مثلَ ذا
أقولُ لنفسيْ – إذاضمَّها وأترابَها محفِلٌ يُزدهى
تسامَيْ فانكِ خيرُ النفوسِ إذا قيسَ كلٌّ على ما انطوى
وأحسنُ ما فيكِ أنّ " الضميرَ " يَصيحُ من القلبِ أنِّي هُنا
وأنتِ إذا زيفُ المعجبينَ تلألأ للعينِ ثُمَّ انجلى
ولم تستطعْ هممُ المدَّعين صبراً على جمرةٍ المدَّعى
خلَصْتِ كما خَلصَ ابنُ " القُيون " تَرعرَع في النار ثمَّ استوى
تسامَيْ فإنّ جناحيكِ لا يَقَرّانِ إلا على مُرتقى
كذلكَ كلُّ ذواتِ الطِماحِ والهمِّ ، مخلوقةٌ للذُّرى
شهِدتُ بأنكِ مذخورةٌ لأبعدَ ما في المدى من مدى
وأنكِ سوفَ تدوِّي العصورُ بما تتركينَ بها من صدى
بآيةِ أنَّ يدَ المُغرياتِ تهابُكِ إلاَّ كَلمسِ النَّدى
وأنكِ إنْ يَلتمعْ مطمعٌ يُخاف على الرُّوحِ منه العمى
يموتُ " النبوغُ " بأحضانه ويُنعى به " الأمل " المرتجى
وتمشي الجموعُ على ضوئهِ لتبكي على عبقريٍّ قضى
وكادتْ تَلُفُّكِ في طيّها حواشيه .. ردَّكِ عزمٌ قَضى
لشرِّ النِهاياتِ هذا " المطافُ " وكلُّ مَطافٍ إلى مُنتهى
متى ترَعوي أُمةٌ بالعِراقِ تُساقُ إلى حتفِها بالعصا
تُذَرَّى على الضَّيْمِ ذَرْوَ الهشيمِ ويَعرقُها الذُّلُّ عَرْقَ اللِّحا
وتنزو بها شهوةُ المشتهينَ كما دُحرجتْ كرةٌ تُرتمى
يَجدُّ بَغيضٌ بها عهدَهُ إذا قيلَ عهدُ بَغيضٍ مضى
وتسمَنُ منها عِجافٌ مَشتْ إلى الأجنبيِّ تَجُرُّ الخُصي
تُراودُها عِزّضها كالقُرومِ هِجانٌ عليها غريبٌ نَزا
عجبتُ وقد أسلمتْ نفسَها لعَرْكِ الخُطوبِ وعَصْرِ الشَّقا
وقَرَّ على الذُّلِّ خَيشومُها كما خطمَ الصعب جَذبُ البُرى
وأغْفَتْ فلم أَدْرِ عن حَيرةٍ بها : كيف إيقاظُها أو متى
ولم أدرِ مِن طيبِ إغفائها على الذُّلِّ ، أيَّ خيالٍ تَرى
أهِمّاً تغشَّاهُ بَعْدَ العنا كرىً ،أمْ صبياً بريئاً غفا؟
متى تستفيقُ وفحمُ الدُّجى عليها مشتْ فيه نارُ الضُّحى
وقد نَفَض الكهفُ عن أهله غُبارَ السنينَ ووَعْثَ البِلى ؟
تعيشُ على الأرضِ أُمِّ الكفاحِِ وتربُطُ أحلاَمها بالسَّما
وتَصْبَغُ بالوَرْد آمالَها كما طرَّزَ الحائكونَ الرِّدا
وأصنامِ بَغْيٍ يصُبّونها ويَدْعُونها مَثلاً يُقتدى
يُثيرونَ من حولِها ضَجَّةً بها عن مَخازيهمُ يُلتهى
كما حَجَبَتْ بالغُبارِ العيون خِفافٌ مُهرّأةٌ تُحتذى
فهذا سيمضي وهذا مضى وهذا سيأتي وهذا أتى
وهذا " زعيمٌ " ، لأنّ السفيرَ يرنو إليه بعينِ الرّضا
وفي ذاكَ عن سُخطِ أهل البلادِ على حُكمهِ أو رضاهم غِنى
وهذا بعِمتَّهِ ، ساخراً ، من " الجنِّ " يَرفعها للعلى
تجيءُ المطامعُ منقادةً إليه إذا شاءَ أو لم يَشا
وليتك تحَسِبُ أزياءهم فتجمعَ منها زهورَ الرُّبى
فتلكَ اللفائفُ كالأُقحُوانِ بها العِلمُ ينفحُ طيبَ الشذا!
تَطُقُّ المسابحُ من حولِها لتُعلِنَ أنَّ مَلاكاً أتى
وتلكَ الشراشيفُ كالياسمينِ تاهَ " العِقالُ " بها وازدهى !
تدلَّتْ عناقيدُ مثلُ الكرومِ على كتفَيْ " يابسٍ " كالصُوى
يَوَدُّ من " التِّيهِ !" لو أنَّه يَشُدُّ بها " جَرَساً ! " إنْ مشى
لِيَعلِمَ سامعُه أنَّه " ينوبُ !" عن البلدِ المُبتلى
إذا رَفعَ اليدَ للحاكمينَ بدَتْ " نَعَمٌ " وهي في زيِّ " لا! "
وبينهما محدَثٌ ناشيءٌ إذا خطَّ تَعرِفُه أو حَكى
تعوِّذُه أُمُّه إنْ مشى إلى " البرلمانِ " بأمِّ القرى
ومُستسلمين يَرونَ الكفاحَ قَوراء مدحوَّةً تُمتطى
فَتغرُزُ في رَخوةٍ سَمْحَةٍ وتنفِرُ عن ذي مِسَنٍّ قَسا
يَرَوْنَ السياسةَ أنْ لا يمسَّ هذا ، وأنْ يُتَّقى شرُّ ذا
وهذا وذا في صميمِ البلادِ سُلٌّ ، وفي العينِ منها قذى
مساكين يقتحمونَ الكفاحَ وقد راعهمْ بابُه مِن كُوى
وما هو إلاَّ احتمالُ الخُطوبِ وإلاّ الأذى والعَرا والطَّوى
فهمْ يعرفونَ مزايا الخُلودِ ولا يُنكرونَ مزايا الفَنا
وهمْ يعشَقونَ هُتافَ الجموعِ ويَخْشونَ ما بعدَه من عَنا
فليتَ لنا بهمُ ناقةً تُطيق الحفا والوجا والوحى
وتجترُّ بالجوعِ ما عندَها وتَطوي على الخِمْسِ حَرَّ الظما
ومُحتقِبٍ شرَّ ما يُجتوى مشى ناصباً رأسهُ كاللِّوا
مشى ومشتْ خلفَهُ عُصبةٌ تقيسُ خُطاهُ إذا ما مشى
يُحبُّ " السلامةَ " مشفوعةً بدَعوى " الجْبانِ " بحُبِّ الوَغى
ويجمعُ بينَ ظِلالِ القصورِ وعَصْرِ الخمورِ ورشْفِ اللَّمى
وعيشِ " المَهازيلِ " في ناعمٍ من العيشِ مِن مثلهِ يُستحى
وبينَ " الزعامةِ ! " لا تُصطَفَى بغيرِ السجونِ ولا تُشترى
ولم أدرِ كيفَ يكونُ الزعيمُ إذا لم يكنْ لاصقاً بالثرى
ومنتحلينَ سِماتِ الأديبِ يظنّونها جُبَباً تُرتدى
كما جاوبتْ " بومةٌ ! " بومةً تَقارَضُ ما بينها بالثَّنا
ويرعَوْن في هذَرٍ يابسٍ من القولِ ، رعيَ الجمالِ الكلا
يرَوْنَ " وُرَيقاتِهم " بُلغةً من العيشِ لا غايةً تُبتغى
فَهُمْ والضميرِ الذي يصنعونَ لمنْ يعتلي ، صهوةٌ تعتلى
ولاهِينَ عن جِدِّهم بالفراغِ زوايا المقاهي لهم مُنتدى
تصايَح باللغوِ ما بينها صِياحَ اللقالق تنفي الحصى
وشدُّوا خُيوطاً بأعناقِهمْ تَصارَخُ ألوانُها بالدِّما
ألا يخجلونَ إذا قايسوا حياتَهمُ بحياةِ
ورغم القلوبِ التي تستفيضُ عُطفاً تَحوطُكَ حَوْطَ الحِمى
وإذ أنتَ ترعاكَ عينُ الزمانِ ويَهْفُو لجِرْسِكَ سَمْعُ الدُّنى
وتلتفُّ حولَكَ شتَّى النُّفوسِ تَجيشُ بشتَّى ضروبِ الأسى
وتُعرِبُ عنها بما لا تُبين كأنَّك من كلِّ نفسٍ حشا
فأنتَ مع الصبحِ شَدْوُ الرعاةِ وحلمُ العذارى إذا الليلُ جا
وأنت إذا الخطبُ ألقى الْجِران وحطَّ بكلكلهِ فارتمى
ألحْتَ بشِعرِكَ للبائسين ، بداجي الخُطوبِ ، بَريقَ المُنى
توحُ على مثلِ شَوك القَتادِ وتغدو على مثل جَمْرِ الغضا
وتطوي الضُّلوعَ على نافذٍ من الصَّبرِ يُدمي كحزِّ المُدى
دريئةَ كلِّ جذيم اليدينِ رمى عن يَدَيْ غيرهِ إذ رَمى
رمى عن يدَيْ حاقدٍ نافسٍ عليك احتشادَ العلى والندى
وحلِساً لدارِكَ والمُقْرفون يجولونَ كلَّ مجالٍ بدا
على حينَ راحَ هجينُ الطباعِ تَنطَّفُ أطرافُه بالخَنا
أدَرَّ عليه ثُدِيَّ الخُمولِ وهزَّتْهُ في المهدِ كفُّ الغَبا
يجرُّ ذيولَ الخنا والغِنى وتهفو عليه ظِلالُ المُنى
وحولَكَ مثلُ فِراخِ الحَمامِ لولا الشعورُ – وزُغْبِ القَطا
تدورُ عيونُهمُ والذَّكاءُ يَلمَعُ فيها كحدِّ الظُبا
إلى كلِّ شَوْهاءَ مرذولةٍ وأشوَهَ مستأثِرٍ بالغِنى
وتَرْجِعُ والعتبُ في مُوقِها تَساءلُ : أيُّكما المُبتلى ؟
بـ " علقمةَ الفحلِ " أُزجي اليمينَ أنَّي ألَذُّ بمُرِّ الجنى
وبـ " الشَّنْفَرى " أنَّ عينَّي لا تَلَذّانِ في النومِ طعمَ الكرى
وبـ " المتنبئِ " أنَّ البَلاءَ ، إذا جدَّ ، يَعلم " أني الفتى "
ألا مِن كريمٍ يَسُرُّ الكرامَ بجيفةِ جلْفٍ زَنيمٍ عَتا
فيا طالما كانَ حدُّ البَغِيِّ يُخفِّفُ مِن فحشِ أهل البِغا
ويا طالما ثُنِيَ السادِرونَ بما اقتِيدَ من سادرٍ ما ارعوى
على أنَّه مِن شِفاءِ الصُدورِ لو أنَّ حُرّاً كريماً شفى
تأصَّلَ هذي العروقَ الخِباثَ فقد ضاقَ بالجِذْمِ منها الثرى
فما هي أوّلُ مجذومةٍ مخافةَ عدوى بها تُنتفى
ولا هي أوّلُ " أغلوطةٍ " محا شاطبٌ رسمَها فامَّحى
وما بالنفوسِ اللواتي ملكنَ بأطماحهنَّ عَنانَ السّما
عناءٌ إلى مَن يُقيتُ البُطونَ ولكنْ إلى من يُميطُ الأذى
إلى من يكُفُّ صغارَ النفوسِ ، صغارَ الحلومِ ، صغارَ الهوى
يَكُفُّهمُ أنْ يكون الكريم به عن هوانهمُ : يُشتفى
أُنّبِيكَ عن أطيبِ الأخبثينَ فقُلْ أنتَ بالأخبثِ المُزدرى
زِقاقٌ من الرّيحِ منفوخةٌ وإنْ ثَقَّلَ الزهوُ منها الخطى
وأشباحُ ناسٍ ، وإنْ أُوهِمُوا بأنّهمُ .. " قادةٌ " في الورى
ألمْ ترَ أنِّيَ حربُ الطغاةِ سلمٌ لكلِّ ضعيفٍ الذَّما
وأني تركتُ دهينَ السِّبالِ كثيرَ الصيالِ ، شديدَ القوى
من الخوفِ كالعَيْرِ قبلَ الكواءِ يَحبقُ مما اصطلى واكتوى ؟!
بماذا يخوِّفني الأرْذَلُونَ وممَّ تخافُ صِلالُ الفلا؟!
أيُسْلبُ عنها نعيمُ الهجيرِ ونفحُ الرمالِ ، وبذْخُ العرا!!
بلى ! إنّ عنديَ خوفَ الشُّجاعِ وطيشَ الحليمِ وموتَ الرَّدى
إذا شئتُ أنضجتُ الشِّواء جلوداً تعَّصْت فما تُشتوى
وأبقيتُ من مِيسَمي في الجِباهِ وشْماً كَوشْمِ بناتِ الهوى
فوارقُ لا يَمَّحي عارُها ولا يَلتَبسْنَ بوصفٍ " سوى !"
بحيثُ يقالُ إذا ما مشى الصّليُّ بها : إنّ وغداً بدا
وحيثُ يُعيَّرُ أبناؤهُ بأنّ لهُمْ والداً مثلَ ذا
أقولُ لنفسيْ – إذاضمَّها وأترابَها محفِلٌ يُزدهى
تسامَيْ فانكِ خيرُ النفوسِ إذا قيسَ كلٌّ على ما انطوى
وأحسنُ ما فيكِ أنّ " الضميرَ " يَصيحُ من القلبِ أنِّي هُنا
وأنتِ إذا زيفُ المعجبينَ تلألأ للعينِ ثُمَّ انجلى
ولم تستطعْ هممُ المدَّعين صبراً على جمرةٍ المدَّعى
خلَصْتِ كما خَلصَ ابنُ " القُيون " تَرعرَع في النار ثمَّ استوى
تسامَيْ فإنّ جناحيكِ لا يَقَرّانِ إلا على مُرتقى
كذلكَ كلُّ ذواتِ الطِماحِ والهمِّ ، مخلوقةٌ للذُّرى
شهِدتُ بأنكِ مذخورةٌ لأبعدَ ما في المدى من مدى
وأنكِ سوفَ تدوِّي العصورُ بما تتركينَ بها من صدى
بآيةِ أنَّ يدَ المُغرياتِ تهابُكِ إلاَّ كَلمسِ النَّدى
وأنكِ إنْ يَلتمعْ مطمعٌ يُخاف على الرُّوحِ منه العمى
يموتُ " النبوغُ " بأحضانه ويُنعى به " الأمل " المرتجى
وتمشي الجموعُ على ضوئهِ لتبكي على عبقريٍّ قضى
وكادتْ تَلُفُّكِ في طيّها حواشيه .. ردَّكِ عزمٌ قَضى
لشرِّ النِهاياتِ هذا " المطافُ " وكلُّ مَطافٍ إلى مُنتهى
متى ترَعوي أُمةٌ بالعِراقِ تُساقُ إلى حتفِها بالعصا
تُذَرَّى على الضَّيْمِ ذَرْوَ الهشيمِ ويَعرقُها الذُّلُّ عَرْقَ اللِّحا
وتنزو بها شهوةُ المشتهينَ كما دُحرجتْ كرةٌ تُرتمى
يَجدُّ بَغيضٌ بها عهدَهُ إذا قيلَ عهدُ بَغيضٍ مضى
وتسمَنُ منها عِجافٌ مَشتْ إلى الأجنبيِّ تَجُرُّ الخُصي
تُراودُها عِزّضها كالقُرومِ هِجانٌ عليها غريبٌ نَزا
عجبتُ وقد أسلمتْ نفسَها لعَرْكِ الخُطوبِ وعَصْرِ الشَّقا
وقَرَّ على الذُّلِّ خَيشومُها كما خطمَ الصعب جَذبُ البُرى
وأغْفَتْ فلم أَدْرِ عن حَيرةٍ بها : كيف إيقاظُها أو متى
ولم أدرِ مِن طيبِ إغفائها على الذُّلِّ ، أيَّ خيالٍ تَرى
أهِمّاً تغشَّاهُ بَعْدَ العنا كرىً ،أمْ صبياً بريئاً غفا؟
متى تستفيقُ وفحمُ الدُّجى عليها مشتْ فيه نارُ الضُّحى
وقد نَفَض الكهفُ عن أهله غُبارَ السنينَ ووَعْثَ البِلى ؟
تعيشُ على الأرضِ أُمِّ الكفاحِِ وتربُطُ أحلاَمها بالسَّما
وتَصْبَغُ بالوَرْد آمالَها كما طرَّزَ الحائكونَ الرِّدا
وأصنامِ بَغْيٍ يصُبّونها ويَدْعُونها مَثلاً يُقتدى
يُثيرونَ من حولِها ضَجَّةً بها عن مَخازيهمُ يُلتهى
كما حَجَبَتْ بالغُبارِ العيون خِفافٌ مُهرّأةٌ تُحتذى
فهذا سيمضي وهذا مضى وهذا سيأتي وهذا أتى
وهذا " زعيمٌ " ، لأنّ السفيرَ يرنو إليه بعينِ الرّضا
وفي ذاكَ عن سُخطِ أهل البلادِ على حُكمهِ أو رضاهم غِنى
وهذا بعِمتَّهِ ، ساخراً ، من " الجنِّ " يَرفعها للعلى
تجيءُ المطامعُ منقادةً إليه إذا شاءَ أو لم يَشا
وليتك تحَسِبُ أزياءهم فتجمعَ منها زهورَ الرُّبى
فتلكَ اللفائفُ كالأُقحُوانِ بها العِلمُ ينفحُ طيبَ الشذا!
تَطُقُّ المسابحُ من حولِها لتُعلِنَ أنَّ مَلاكاً أتى
وتلكَ الشراشيفُ كالياسمينِ تاهَ " العِقالُ " بها وازدهى !
تدلَّتْ عناقيدُ مثلُ الكرومِ على كتفَيْ " يابسٍ " كالصُوى
يَوَدُّ من " التِّيهِ !" لو أنَّه يَشُدُّ بها " جَرَساً ! " إنْ مشى
لِيَعلِمَ سامعُه أنَّه " ينوبُ !" عن البلدِ المُبتلى
إذا رَفعَ اليدَ للحاكمينَ بدَتْ " نَعَمٌ " وهي في زيِّ " لا! "
وبينهما محدَثٌ ناشيءٌ إذا خطَّ تَعرِفُه أو حَكى
تعوِّذُه أُمُّه إنْ مشى إلى " البرلمانِ " بأمِّ القرى
ومُستسلمين يَرونَ الكفاحَ قَوراء مدحوَّةً تُمتطى
فَتغرُزُ في رَخوةٍ سَمْحَةٍ وتنفِرُ عن ذي مِسَنٍّ قَسا
يَرَوْنَ السياسةَ أنْ لا يمسَّ هذا ، وأنْ يُتَّقى شرُّ ذا
وهذا وذا في صميمِ البلادِ سُلٌّ ، وفي العينِ منها قذى
مساكين يقتحمونَ الكفاحَ وقد راعهمْ بابُه مِن كُوى
وما هو إلاَّ احتمالُ الخُطوبِ وإلاّ الأذى والعَرا والطَّوى
فهمْ يعرفونَ مزايا الخُلودِ ولا يُنكرونَ مزايا الفَنا
وهمْ يعشَقونَ هُتافَ الجموعِ ويَخْشونَ ما بعدَه من عَنا
فليتَ لنا بهمُ ناقةً تُطيق الحفا والوجا والوحى
وتجترُّ بالجوعِ ما عندَها وتَطوي على الخِمْسِ حَرَّ الظما
ومُحتقِبٍ شرَّ ما يُجتوى مشى ناصباً رأسهُ كاللِّوا
مشى ومشتْ خلفَهُ عُصبةٌ تقيسُ خُطاهُ إذا ما مشى
يُحبُّ " السلامةَ " مشفوعةً بدَعوى " الجْبانِ " بحُبِّ الوَغى
ويجمعُ بينَ ظِلالِ القصورِ وعَصْرِ الخمورِ ورشْفِ اللَّمى
وعيشِ " المَهازيلِ " في ناعمٍ من العيشِ مِن مثلهِ يُستحى
وبينَ " الزعامةِ ! " لا تُصطَفَى بغيرِ السجونِ ولا تُشترى
ولم أدرِ كيفَ يكونُ الزعيمُ إذا لم يكنْ لاصقاً بالثرى
ومنتحلينَ سِماتِ الأديبِ يظنّونها جُبَباً تُرتدى
كما جاوبتْ " بومةٌ ! " بومةً تَقارَضُ ما بينها بالثَّنا
ويرعَوْن في هذَرٍ يابسٍ من القولِ ، رعيَ الجمالِ الكلا
يرَوْنَ " وُرَيقاتِهم " بُلغةً من العيشِ لا غايةً تُبتغى
فَهُمْ والضميرِ الذي يصنعونَ لمنْ يعتلي ، صهوةٌ تعتلى
ولاهِينَ عن جِدِّهم بالفراغِ زوايا المقاهي لهم مُنتدى
تصايَح باللغوِ ما بينها صِياحَ اللقالق تنفي الحصى
وشدُّوا خُيوطاً بأعناقِهمْ تَصارَخُ ألوانُها بالدِّما
ألا يخجلونَ إذا قايسوا حياتَهمُ بحياةِ
بريــــــد الغربـــــــة-محمد مهدي الجواهري
هبَّ النسيم فهبتِ الأشواقُ وهفا إليكمْ قلبه الخّفاقُ
وتوافَقا فتحالفا هو والأسى وحَمامُ هذا الأيكِ والأطواق
عارٌ على أهل الهوى ان تُزدرى هذي النفوسُ وتُشترى الأعلاق
ذَم الفراقَ معاشرٌ جهلوكُمُ من أجلكم حتى الفراقُ يُطاق
ما شوقُ أهل الشوق في عُرفِ الهوى نُكرٌ فقد خُلِقوا لكي يشتاقوا
أما الرفاقُ فلم يَسُؤْني هجرهمْ إذ ليس في شرع الغرام رفاق
لو أُبرم الميثاقُ ما كَمَلَ الهوى شرطُ الهوى ان يُنقَض الميثاق
كُتُبُ الاله تشّرفت في ذكره وبذكركمْ تتشرفُ الأوراق
هذا القريض تكبَّرت بُرُآتهُ إذ ضاق من ألم الفراق خناق
عَمَرت بذكركمُ اللذيذِ مجالسٌ وازَّيَّنَتْ بهواكُمُ أسواق
ماذا أذُم من الهوى وبفضله قد رق لي طبعٌ وصحَّ مَذاق
هي " فارسٌ " وهواؤها ريح الصَّبا وسماؤها الأغصانُ والأوراق
وَلِعَتْ بها عُشّاقها وبليةٌ في الشرق إنْ وَلِعَتْ بها العشاق
سالت بدفاق النُّضار بقاعُها وعلى بنيها شحتِ الأرزاق
يا بنتَ " كومرثٍ " أقلَّى فكرةً فلقد أضرَّ برأسك الإخفاق
وتطلَّعي تَتَبَيَّني الفجرَ الذي تتوقعينَ وتنجلي الآفاق
لي في العراق عصابةٌ لولاهمُ ما كان محبوباً الىّ عراقُ
لا دجلةٌ لولاهمُ ، وهي التي عذُبت، تروق ولا الفراتُ يذاق
" شمرانُ " تُعجِبُني ، وزهرةُ روضها وهواؤها ، ونميرُها الرَّقراق
متكسراً بين الصخور تمُدّهُ فوقَ الجبال من الثُّلوج طِباق
وعليه من وَرَقِ الغُصونِ سُرادقٌ ممدوةٌ ومن الظِلالِ رُواق
في كل غصْنٍ للبلايل ندوةٌ وبكل عودٍ للغنا " إسحاق "
كانت منايّ فلم تُعَقْ وعجيبةٌ أني أُحب منىً فلا تُعتاق
سرُّ الحياة نجاحُ آمالِ الفتى أما المماتُ فسرُّه الإخفاق
وتوافَقا فتحالفا هو والأسى وحَمامُ هذا الأيكِ والأطواق
عارٌ على أهل الهوى ان تُزدرى هذي النفوسُ وتُشترى الأعلاق
ذَم الفراقَ معاشرٌ جهلوكُمُ من أجلكم حتى الفراقُ يُطاق
ما شوقُ أهل الشوق في عُرفِ الهوى نُكرٌ فقد خُلِقوا لكي يشتاقوا
أما الرفاقُ فلم يَسُؤْني هجرهمْ إذ ليس في شرع الغرام رفاق
لو أُبرم الميثاقُ ما كَمَلَ الهوى شرطُ الهوى ان يُنقَض الميثاق
كُتُبُ الاله تشّرفت في ذكره وبذكركمْ تتشرفُ الأوراق
هذا القريض تكبَّرت بُرُآتهُ إذ ضاق من ألم الفراق خناق
عَمَرت بذكركمُ اللذيذِ مجالسٌ وازَّيَّنَتْ بهواكُمُ أسواق
ماذا أذُم من الهوى وبفضله قد رق لي طبعٌ وصحَّ مَذاق
هي " فارسٌ " وهواؤها ريح الصَّبا وسماؤها الأغصانُ والأوراق
وَلِعَتْ بها عُشّاقها وبليةٌ في الشرق إنْ وَلِعَتْ بها العشاق
سالت بدفاق النُّضار بقاعُها وعلى بنيها شحتِ الأرزاق
يا بنتَ " كومرثٍ " أقلَّى فكرةً فلقد أضرَّ برأسك الإخفاق
وتطلَّعي تَتَبَيَّني الفجرَ الذي تتوقعينَ وتنجلي الآفاق
لي في العراق عصابةٌ لولاهمُ ما كان محبوباً الىّ عراقُ
لا دجلةٌ لولاهمُ ، وهي التي عذُبت، تروق ولا الفراتُ يذاق
" شمرانُ " تُعجِبُني ، وزهرةُ روضها وهواؤها ، ونميرُها الرَّقراق
متكسراً بين الصخور تمُدّهُ فوقَ الجبال من الثُّلوج طِباق
وعليه من وَرَقِ الغُصونِ سُرادقٌ ممدوةٌ ومن الظِلالِ رُواق
في كل غصْنٍ للبلايل ندوةٌ وبكل عودٍ للغنا " إسحاق "
كانت منايّ فلم تُعَقْ وعجيبةٌ أني أُحب منىً فلا تُعتاق
سرُّ الحياة نجاحُ آمالِ الفتى أما المماتُ فسرُّه الإخفاق
جربيـــــــــــــني-محمد مهدي الجواهري
جرّبيني منْ قبلِ انْ تزدَريني وإذا ما ذممتِني فاهجرِيِني
ويَقيناً ستندمينَ على أنَّكِ من قبلُ كنتِ لمْ تعرفيني
لا تقيسي على ملامحِ وجهي وتقاطيعِه جميعَ شؤوني
أنا لي في الحياةِ طبعٌ رقيقٌ يتنافى ولونَ وجهي الحزين
فبلكِ اغترَّ معشرٌ قرأوني من جبينٍ مكَّللٍ بالغُصونٍ
وفريقٌ من وجنتينِ شَحوبين وقدْ فاتتِ الجميعَ عُيوني
إقرأيني منها ففيها مطاوي النفسِ طُراً وكلُّ سرٍّ دَفين
فيهما رغبةٌ تفيضُ . وإخلاصٌ وشكٌّ مخامرٌ لليقين
فيهما شهوةٌ تثورُ . وعقلٌ خاذِلي تارةً وطوراً مُعيني
فيهما دافعُ الغريزةِ يُغريني وعدوى وراثةٍ تَزويني
أنا ضدُّ الجمهور في العيشِ والتفكيرِ طُرّاً . وضدُّه في الدِّين
كلُّ ما في الحياةِ من مُتَع العيشِ ومن لذَّةٍ بها يزدهيني
التقاليدُ والمداجاةُ في الناسِ عدوٌّ لكلِّ حُرٍّ فطين
أنجِديني : في عالمٍ تَنهشُ " الذُئبانُ " لحمي فيه .. ولا تُسلِميني
وأنا ابن العشرين مَنْ مرجِعٌ لي إنْ تقضَّتْ لذاذةَ العشرين
إبسِمي لي تَبسِمْ حياتي ، وإنْ كانتْ حياةً مليئةً بالشُّجون
أنصِيفيني تُكفِّري عن ذُنوبِ الناسِ طُرّاً فإنهمْ ظلموني
إعطِفي ساعةً على شاعرٍ حر رقيقٍ يعيشُ عيشَ السجين
أخذتني الهمومُ إلّا قليلاً أدركيني ومن يديها خذيني
ساعةً ثم أنطوى عنكِ محمولاً بكُرهٍ لظُلمةٍ وسكون
حيث لا رونقُ الصباح يُحييِّني ولا الفجرُ باسماً يُغريني
حيثُ لا " دجلةٌ " تلاعبُ جنبيها ظِلالُ النخيلِ والزيِّتون
حيثُ صَحبي لا يملكونَ مُواساتي بشيءٍ إلّا بأنْ يبكوني
مَتِّعيني قبلَ المماتِ فما يُدريكِ ما بعدَه وما يُدريني
وَهبي أنَّ بعدَ يوميَ يوماً يقتضيني مُخلِّفاتِ الدُّيون
فمَنِ الضامنونَ أنَّكِ في الحشرِ إذا ما طلَبتِني تجديني
فستُغرينَ بالمحاسنِ رُضواناً فيُلقيكِ بين حُورٍ وعِين
وأنا في جهنَّمٍ معَ أشياخٍ غواةٍ بِغيَّهمْ غمروني
أحرَجتني طبيعتي وبآرائِهم ازدَدْتُ بَلةً في الطين
بالشفيعِ " العُريان " استملكي خيرَ مكانٍ . وأنتِ خيرُ مكين
ودعيني مُستعرضاً في جحيمي كلَّ وجهٍ مُذمَّمٍ ملعون
وستُشجينَ إذ ترينَ معَ البُزلِ القناعيسِ حيرةَ ابن اللبون
عن يساري أعمى المعرَّةِ و " الشيخُ " الزهاويُّ مقعداً عن يميني
إئذَني لي أنزِلْ خفيفاً على صدركِ عذْباً كقطرةٍ من مَعين
وافتحي لي الحديثَ تستملحي خفَّةَ رُوحي وتستطيبي مُجوني
تعرِفي أنني ظريفٌ جديرٌ فوقَ هذي " النهود" أنْ ترفعني
مؤنِسٌ كابتسامةٍ حولَ ثغريكِ جذوبٌ كسحرٍ تلكَ العيون
إسمحي لي بقُبلةٍ تملِكيني ودعي لي الخَيارَ في التعيين
قرِّبيني من اللذاذةِ ألمَسْها أريني بداعةَ التكوين
إنزليني إلى " الحضيضِ " إذا ما شئتِ أو فوقَ ربوةٍ فضعيني
كلُّ مافي الوجودِ من عقباتٍ عن وصولي إليكِ لا يَثنيني
إحمليني كالطفلِ بين ذِراعيكِ احتضاناً ومثلَه دَّلليني
وإذا ما سُئلتِ عني فقولي ليسَ بِدعاً إغاثةُ المسكين
لستُ أُمّاً لكنْ بأمثالِ " هذا " شاءتِ الأُمهات أنْ تبتليني
أشتهي أنْ أراكِ يوماً على ما ينبغي مَن تكشُّفٍ للمصُون
غيرَ أني أرجو إذا ازدهتِ النفسُ وفاضَ الغرامُ أنْ تعذُريني
" اِلطمِيني "إذا مَجُنتُ فعمداً أتحرَّى المجونَ كي تَلْطمِيني
وإذا ما يدي استطالتْ فمِنْ شَعركِ لُطفاً بخُصلةٍ قيِّديني
ما أشدَّ احتياجةِ الشاعر الحسَّاسِ يوماً لساعةٍ مِن جنون
ويَقيناً ستندمينَ على أنَّكِ من قبلُ كنتِ لمْ تعرفيني
لا تقيسي على ملامحِ وجهي وتقاطيعِه جميعَ شؤوني
أنا لي في الحياةِ طبعٌ رقيقٌ يتنافى ولونَ وجهي الحزين
فبلكِ اغترَّ معشرٌ قرأوني من جبينٍ مكَّللٍ بالغُصونٍ
وفريقٌ من وجنتينِ شَحوبين وقدْ فاتتِ الجميعَ عُيوني
إقرأيني منها ففيها مطاوي النفسِ طُراً وكلُّ سرٍّ دَفين
فيهما رغبةٌ تفيضُ . وإخلاصٌ وشكٌّ مخامرٌ لليقين
فيهما شهوةٌ تثورُ . وعقلٌ خاذِلي تارةً وطوراً مُعيني
فيهما دافعُ الغريزةِ يُغريني وعدوى وراثةٍ تَزويني
أنا ضدُّ الجمهور في العيشِ والتفكيرِ طُرّاً . وضدُّه في الدِّين
كلُّ ما في الحياةِ من مُتَع العيشِ ومن لذَّةٍ بها يزدهيني
التقاليدُ والمداجاةُ في الناسِ عدوٌّ لكلِّ حُرٍّ فطين
أنجِديني : في عالمٍ تَنهشُ " الذُئبانُ " لحمي فيه .. ولا تُسلِميني
وأنا ابن العشرين مَنْ مرجِعٌ لي إنْ تقضَّتْ لذاذةَ العشرين
إبسِمي لي تَبسِمْ حياتي ، وإنْ كانتْ حياةً مليئةً بالشُّجون
أنصِيفيني تُكفِّري عن ذُنوبِ الناسِ طُرّاً فإنهمْ ظلموني
إعطِفي ساعةً على شاعرٍ حر رقيقٍ يعيشُ عيشَ السجين
أخذتني الهمومُ إلّا قليلاً أدركيني ومن يديها خذيني
ساعةً ثم أنطوى عنكِ محمولاً بكُرهٍ لظُلمةٍ وسكون
حيث لا رونقُ الصباح يُحييِّني ولا الفجرُ باسماً يُغريني
حيثُ لا " دجلةٌ " تلاعبُ جنبيها ظِلالُ النخيلِ والزيِّتون
حيثُ صَحبي لا يملكونَ مُواساتي بشيءٍ إلّا بأنْ يبكوني
مَتِّعيني قبلَ المماتِ فما يُدريكِ ما بعدَه وما يُدريني
وَهبي أنَّ بعدَ يوميَ يوماً يقتضيني مُخلِّفاتِ الدُّيون
فمَنِ الضامنونَ أنَّكِ في الحشرِ إذا ما طلَبتِني تجديني
فستُغرينَ بالمحاسنِ رُضواناً فيُلقيكِ بين حُورٍ وعِين
وأنا في جهنَّمٍ معَ أشياخٍ غواةٍ بِغيَّهمْ غمروني
أحرَجتني طبيعتي وبآرائِهم ازدَدْتُ بَلةً في الطين
بالشفيعِ " العُريان " استملكي خيرَ مكانٍ . وأنتِ خيرُ مكين
ودعيني مُستعرضاً في جحيمي كلَّ وجهٍ مُذمَّمٍ ملعون
وستُشجينَ إذ ترينَ معَ البُزلِ القناعيسِ حيرةَ ابن اللبون
عن يساري أعمى المعرَّةِ و " الشيخُ " الزهاويُّ مقعداً عن يميني
إئذَني لي أنزِلْ خفيفاً على صدركِ عذْباً كقطرةٍ من مَعين
وافتحي لي الحديثَ تستملحي خفَّةَ رُوحي وتستطيبي مُجوني
تعرِفي أنني ظريفٌ جديرٌ فوقَ هذي " النهود" أنْ ترفعني
مؤنِسٌ كابتسامةٍ حولَ ثغريكِ جذوبٌ كسحرٍ تلكَ العيون
إسمحي لي بقُبلةٍ تملِكيني ودعي لي الخَيارَ في التعيين
قرِّبيني من اللذاذةِ ألمَسْها أريني بداعةَ التكوين
إنزليني إلى " الحضيضِ " إذا ما شئتِ أو فوقَ ربوةٍ فضعيني
كلُّ مافي الوجودِ من عقباتٍ عن وصولي إليكِ لا يَثنيني
إحمليني كالطفلِ بين ذِراعيكِ احتضاناً ومثلَه دَّلليني
وإذا ما سُئلتِ عني فقولي ليسَ بِدعاً إغاثةُ المسكين
لستُ أُمّاً لكنْ بأمثالِ " هذا " شاءتِ الأُمهات أنْ تبتليني
أشتهي أنْ أراكِ يوماً على ما ينبغي مَن تكشُّفٍ للمصُون
غيرَ أني أرجو إذا ازدهتِ النفسُ وفاضَ الغرامُ أنْ تعذُريني
" اِلطمِيني "إذا مَجُنتُ فعمداً أتحرَّى المجونَ كي تَلْطمِيني
وإذا ما يدي استطالتْ فمِنْ شَعركِ لُطفاً بخُصلةٍ قيِّديني
ما أشدَّ احتياجةِ الشاعر الحسَّاسِ يوماً لساعةٍ مِن جنون
بغــــــــداد-محمد مهدي الجواهري
لا درّ درّك من ربــــوع ديــــار
قـرْبُ المزار بها كُـبـــعْـد مــزار
يهفو الـدّوار برأس من يشتاقها
ويصابُ وهو يخـافـــها بــدوار
لكـأن طـَيفكِ إذ يــطوف بجــنـةٍ
غـّـناء يمسخها بســوح قـفــار
لا درّ درّكِ عـرية غطـــى بــهــا
من لعنة التاريخ شــــرُّ دثــــار
واستامها فلك النحـوس وشـوّهــت
ممــا يــــدوّرُ دورة ُ الأقمـــار
عشرون قرناً وهي تسحب فوقهـــــا
بدم ٍ ذيـول مواكـــب الأحـــرار
لم يـْرو ِ فيها (الرافدين) على النهـي
وعلـى الــنبوغ غــليل حــقـد وار
هوت الحضـارة فوقـــها عربــية ً
وتــفردت (آشـــورُ) بالآثــار
ومشــت لوادي(عبـقر ٍ) فــتكـفـَّـلـت
بـــعذاب كـــل مــدوّخ ٍ قـهار
بابن الــمقفـع ِ وابـــن قــدوس
وبا لحلاّج والموحـى لـه بـشـَّــار
وبمالئ الدنيا وشــاغل أهلــــها
وبـأيــــما فـلك لهـــا دوّار
بأبي(مـُحَـسـَّدَ ) وهي تقطع صــلبه
لم يدري عارٌ مثل هذا العـــــار
ديـسـت رؤوس الخيـريين وعـُـطـّـرت
أقـدام فـجّـار ِ بهــــا أشــــرار
وتـُنـوهـبت مِـزقاً لـكل مـُخـنـثٍ
أوصـال فـحل ٍ خــالـق هـــدّار
لا كنت من حجر ٍ(تـبـغدد) حــوله
عـّـبـادُ أصـنـام ٍ بـه أحجــار
قـرْبُ المزار بها كُـبـــعْـد مــزار
يهفو الـدّوار برأس من يشتاقها
ويصابُ وهو يخـافـــها بــدوار
لكـأن طـَيفكِ إذ يــطوف بجــنـةٍ
غـّـناء يمسخها بســوح قـفــار
لا درّ درّكِ عـرية غطـــى بــهــا
من لعنة التاريخ شــــرُّ دثــــار
واستامها فلك النحـوس وشـوّهــت
ممــا يــــدوّرُ دورة ُ الأقمـــار
عشرون قرناً وهي تسحب فوقهـــــا
بدم ٍ ذيـول مواكـــب الأحـــرار
لم يـْرو ِ فيها (الرافدين) على النهـي
وعلـى الــنبوغ غــليل حــقـد وار
هوت الحضـارة فوقـــها عربــية ً
وتــفردت (آشـــورُ) بالآثــار
ومشــت لوادي(عبـقر ٍ) فــتكـفـَّـلـت
بـــعذاب كـــل مــدوّخ ٍ قـهار
بابن الــمقفـع ِ وابـــن قــدوس
وبا لحلاّج والموحـى لـه بـشـَّــار
وبمالئ الدنيا وشــاغل أهلــــها
وبـأيــــما فـلك لهـــا دوّار
بأبي(مـُحَـسـَّدَ ) وهي تقطع صــلبه
لم يدري عارٌ مثل هذا العـــــار
ديـسـت رؤوس الخيـريين وعـُـطـّـرت
أقـدام فـجّـار ِ بهــــا أشــــرار
وتـُنـوهـبت مِـزقاً لـكل مـُخـنـثٍ
أوصـال فـحل ٍ خــالـق هـــدّار
لا كنت من حجر ٍ(تـبـغدد) حــوله
عـّـبـادُ أصـنـام ٍ بـه أحجــار
يادجلـــــة الخيـــر-محمد مهدي الجواهري
حييتُ سفحكِ عن بعدٍ فحَييني
يادجلة الخير , يا أمَّ البســاتين ِ
حييتُ سفحَك ظمـآناً ألوذ بــه
لوذ الحمائِم بين الماءِ والطــين
يادجلة الخير ِيا نبعاً أفـارقـه
على الكراهةِ بين الحِينِ والحينِ
إني وردتُ عُيون الماءِ صافيـة
نَبعاً فنبعاً فما كانت لتـَـرْويني
وأنت ياقارباً تـَلوي الرياحُ بــهِ
ليَّ النسائِم أطراف الأفـانينِ
ودِدتُ ذاك الشِراعَ الرخص لو كفني
يُحاكُ منه غداة البيَن يَـطــويني
يادجلة َ الخيرِ: قد هانت مطامحـُنــا
حتى لأدنى طِماح ِ غيرُ مضمونِ
أتضـْمنينَ مقيلاً لي سواسيـة
بين الحشائش أو بين الريـاحين؟
خِلواً من الهمِّ إلا همَّ خافــقـــةٍ
بينَ الجوانح ِ أعنيـها وتـَـعنيني
تـَهزُّني فأجـاريها فتدفعَني
كالريح تـُعجل في دفـع الطواحينِ
يادجلة الخير:ياأطياف ساحرةٍ
ياخمرَ خابيةٍ في ظلَّ عُرجونِ
ياسكتة َ الموت, ياإعصار زوبعةٍ
ياخنجرَ الغدر ِ, ياأغصان زيتونِ
ياأم بغدادَ من ظرف ٍ ومن غنـَج
مشى التـبغدُدُ حتى في الدهاقينِ
ياأمَّ تلك التي من, ألـفِ ليلتها
للانَ يعبق عِـطرٌ في التلاحينِ
يامستجمٌ(النواسيَّ ) الذي لبـِستْ
به الحضارة ُ ثوبـاً وشـيَ, هارونِ
الغاسل ِ الهَّم في ثـغرٍ وفي حَببُ
والمُلبس ِ العقلَ أزياءَ المجانينِ
والساحبِ الزقٌ يأبـاه ويكرههُ
والمُنفق ِ اليومَ يـُفدي بالثلاثيـن
والراهنِ السابريَّ الخزَّ في قـدح
والملهم الفنَ ممن لهو ٍ أفانين
والمُسْمع ِ الدهرَ والدنيا وساكنها
قـْرعَ النواقيس في عيدِ الشعانينِ
يادجلة الخير: والدنيا مـُـفارقة
وأيُّ شرٍّ بخير ٍ غـيرُ مقرونِ
وأي خيرٍ بلا شرَّ يُلقـٌـحَـه
طهرُ الملائك منْ رجس الشياطين
يادجلة الخير: كم من ْ كنز موهِبةٍ
لديك في (القمقم) المسحور مخزون
لعلَّ تلك العفاريتَ التي احْتجـزتْ
مـُحملاتٌ على أكتاف,دُلفينِ
لعل يوماً عصوفاً جارفاً عرَمـاً
آتٍ فـُتـرضيك عقـباه وترضيني
يادجلة الخير , يا أمَّ البســاتين ِ
حييتُ سفحَك ظمـآناً ألوذ بــه
لوذ الحمائِم بين الماءِ والطــين
يادجلة الخير ِيا نبعاً أفـارقـه
على الكراهةِ بين الحِينِ والحينِ
إني وردتُ عُيون الماءِ صافيـة
نَبعاً فنبعاً فما كانت لتـَـرْويني
وأنت ياقارباً تـَلوي الرياحُ بــهِ
ليَّ النسائِم أطراف الأفـانينِ
ودِدتُ ذاك الشِراعَ الرخص لو كفني
يُحاكُ منه غداة البيَن يَـطــويني
يادجلة َ الخيرِ: قد هانت مطامحـُنــا
حتى لأدنى طِماح ِ غيرُ مضمونِ
أتضـْمنينَ مقيلاً لي سواسيـة
بين الحشائش أو بين الريـاحين؟
خِلواً من الهمِّ إلا همَّ خافــقـــةٍ
بينَ الجوانح ِ أعنيـها وتـَـعنيني
تـَهزُّني فأجـاريها فتدفعَني
كالريح تـُعجل في دفـع الطواحينِ
يادجلة الخير:ياأطياف ساحرةٍ
ياخمرَ خابيةٍ في ظلَّ عُرجونِ
ياسكتة َ الموت, ياإعصار زوبعةٍ
ياخنجرَ الغدر ِ, ياأغصان زيتونِ
ياأم بغدادَ من ظرف ٍ ومن غنـَج
مشى التـبغدُدُ حتى في الدهاقينِ
ياأمَّ تلك التي من, ألـفِ ليلتها
للانَ يعبق عِـطرٌ في التلاحينِ
يامستجمٌ(النواسيَّ ) الذي لبـِستْ
به الحضارة ُ ثوبـاً وشـيَ, هارونِ
الغاسل ِ الهَّم في ثـغرٍ وفي حَببُ
والمُلبس ِ العقلَ أزياءَ المجانينِ
والساحبِ الزقٌ يأبـاه ويكرههُ
والمُنفق ِ اليومَ يـُفدي بالثلاثيـن
والراهنِ السابريَّ الخزَّ في قـدح
والملهم الفنَ ممن لهو ٍ أفانين
والمُسْمع ِ الدهرَ والدنيا وساكنها
قـْرعَ النواقيس في عيدِ الشعانينِ
يادجلة الخير: والدنيا مـُـفارقة
وأيُّ شرٍّ بخير ٍ غـيرُ مقرونِ
وأي خيرٍ بلا شرَّ يُلقـٌـحَـه
طهرُ الملائك منْ رجس الشياطين
يادجلة الخير: كم من ْ كنز موهِبةٍ
لديك في (القمقم) المسحور مخزون
لعلَّ تلك العفاريتَ التي احْتجـزتْ
مـُحملاتٌ على أكتاف,دُلفينِ
لعل يوماً عصوفاً جارفاً عرَمـاً
آتٍ فـُتـرضيك عقـباه وترضيني
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)
